وإليه يشير قوله : هو خلق أعظم من جبرئيل وميكائيل ، فإنه يدل على أن الروح له مراتب مرتبة منها هو من جبرئيل وميكائيل ، وهو كان مع ساير الأنبياء ، ومرتبة أعظم منهما هو كان مع النبي صلَّى الله عليه وآله خاصة . ولذا عبّر عنه بالتجلي الأعظم من بين ساير التجليات التي كانت لساير الأنبياء كما لا يخفى . الأمر الثاني : هو أنه قال الرضا عليه السّلام : إن الله تبارك وتعالى قد أيّدنا بروح منه مقدسة مطهرة ليست بملك إلخ . هذا مع أنه دلَّت أحاديث على أن تلك الروح هو ملك فما وجه التوفيق ؟ فنقول : جوابه أن الملك مأخوذ من الملكوت ، وهو فوق الملك وفوقها كلَّها الجبروت ، فحينئذ الملك ما بيده زمام الملك ( بالضم ) وهو باطن كلّ شيء ، الذي به قوامه وتصرفه ، وهو في كلّ شيء بحسبه ، فالملائكة كلَّهم فوق الملك بإذنه تعالى وهو المصطلح في السنة ، الأحاديث . وقد يطلق ويراد منه معناه اللغوي ( أي العام ) أي معنى الذي هو فوق الملك الكلي فقوله عليه السّلام : " ليست بملك " أي بالملائكة المعروفة ، الذين هم فوق الملك بالتصرف بإذن الله . وأما ما ورد من أنه ملك كما سيأتي ، فيراد منه أنه الذي يكون فوق جميع الملك حتى الملائكة ، فهو باطن الكلّ ومحيط بالكلّ وملك الملائكة ، ومتصرف في الكلّ بنحو الكلية التامة . ولهذا الكلام بيان آخر لعلَّه سيجيء في طي الشرح إن شاء الله تعالى . فظهر من جميع ما ذكر أنهم يشهدون جميع ما في العالم بذلك النور ، وهو الروح القدس العظيم بأمر الله تعالى بحيث لا يشذّ عنهم شاذ . ففي مشارق الأنوار للشيخ البرسي ( رضوان الله عليه ) قال أمير المؤمنين عليه السّلام لطارق بن هشام . . إلى أن قال عليه السّلام : علم الأنبياء في علمهم ، وسرّ الأوصياء في