ولكلّ منها نوع من الوجود حتّى السلوب ، فإنها مما يعرضها الوجود من وجه ، كما إذا تمثّل في ذهن من الأذهان ، أو يكون له مصداق ينتزع منه إذا قيس إلى الأمر المسلوب . والفرق بين الاسم والصّفة في اعتبار العقل كالفرق بين المركب والبسيط ، إذ الذات معتبرة في مفهوم الاسم دون مفهوم الصفة ، لأن الاسم إمّا من السمّو أي العلو ، أي ما به علوّ الذات والمسمّى وظهوره ، فلا محالة حينئذ يكون الاسم منظورا بلحاظ الذات لا مطلقا ، وكذا لو كان من السمّة أي العلامة فإنها تعلم الذات كما لا يخفى ، وهذا بخلاف الصفة فإنها تلاحظ بما هي مجرد عارض من دون نظر إلى الذات . وقد يقال الاسم للصفة - وجه الإطلاق - إنّ الذات مشتركة بين الأسماء كلَّها أي ملحوظ بوحدتها فيها ، والتكثّر في الأسماء بسبب تكثّر الصفات أي الشؤون العارضة والمفاهيم المتكثّرة فهي توجب تكثرا في الاسم ، وذلك التكثّر في الصفات إنما يكون باعتبار مراتبه الغيبيّة التي هي مفاتيح الغيب . وبعبارة أخرى : إنّ تكثّر الصفات إنما هي عكوس وأظلال لما اقتضته الذات منها ، وهي أي الصفات معان غيبيّة معقولة في عين الوجود الحقّ لا بنحو التكثر في الذات تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا ، بل بمعنى أنّ الذات الإلهية بحيث لو وجدت في العقل فرضا ، أو أمكن أن يلحظها الذهن ، لكان ينتزع منها هذه المعاني ويصفها بها ، فهو أي الذات في نفس الأمر مصداق لهذه المعاني من دون حاجة إلى تحقق صفة في ذاته ، وهذا معنى قوله عليه السّلام : " يستحقها " أي الأسماء والصفات كما سيجيء حديثه وشرحه . وهذا أيضا مراد المحققين من قولهم : إن صفاته عين ذاته ، وهذا أيضا معنى كلام أمير المؤمنين وإمام الموحدين عليه السّلام كما في نهج البلاغة : " وكمال توحيده الإخلاص له ، وكمال الإخلاص نفي الصفات عنه " .