في البحار [1] عن محمد بن سنان قال : كنت عند أبي جعفر الثاني ، فذكرت اختلاف الشيعة فقال : إن الله لم يزل فردا متفردا في وحدانيته ، ثم خلق محمدا وعليا وفاطمة فمكثوا ألف ألف دهر ، ثم خلق الأشياء وأشهدهم خلقها ، وأجرى عليها طاعتهم ، وجعل فيهم منه ما شاء ، وفوّض أمر الأشياء إليهم ، فهم قائمون مقامه ، يحللون ما شاؤوا ويحرمون ما شاؤوا ، ولا يفعلون إلا ما شاء الله ، فهذه الديانة التي من تقدمها غرق ، ومن تأخر عنها محق ، خذها يا محمد فإنها من مخزون العلم ومكنونه . قوله : أشهدهم خلقها ، إلى قوله : فهم قائمون مقامه ، ظاهر في أنهم عليهم السّلام شهدوا كيفية الخلقة ، وأشهدهم الله على ذلك ، فهم فيما فوّض إليهم من أمر الأشياء قائمون مقامه تعالى . وقوله : وجعل فيهم منه ما شاء ، يشير بالموصول إلى أمر عظيم وهو بواقعه منشأ للتفويض المذكور ، والقيام مقامه ، وهذا معنى أنهم أعضاد أي أعوان كما فسّر به في اللغة ، فإنه تعالى كأنه جعلهم عونا له حيث أقامهم مقامه ، وحقيقته ترجع إلى أنهم أسماؤه الحسني واسمه الأعظم . ومن المعلوم أنه تعالى يفعل ما يفعل بأسمائه كما حقق في محلَّه ، وفي أذن الدخول للمشاهد المشرفة : " والحمد لله الذي منّ علينا بحكام يقومون مقامه " لو كان حاضرا في المكان فهم قائمون مقامه ، فهم عون له في العلم والقدرة وساير الصفات ، بمعنى أنهم مظهر لتلك الصفات الإلهية في الخلق كما مرّ مرارا . والحاصل : أنه تعالى أشهدهم خلق السماوات والأرض ، وخلق من أسكنهما ، وخلق الانس والملائكة وساير ما برأ وذرأ ، وما أحدث من جماد ونبات وحيوان ، واتخذهم الله أعضادا لخلقه ، لأنهم عليهم السّلام الهادون وهو تعالى اتخذ الهادين عضدا المفهوم من قوله : وما كنت متخذ المضلين عضدا 18 : 51 .