فجميع هذه الأصول الأربعة مظاهر رحمته ، وهو تعالى استوى على الخلق برحمانيته الظاهرة في هذه الموارد . وإليه يشير أيضا قوله تعالى : ثم استوى على العرش الرحمن فاسأل به خبيرا 25 : 59 أي أنه تعالى يربّيهم بهذه الأصول الأربعة بمقتضى رحمته وحكمته ، فإن عرضت شبهة لأحد في تدبيره ، فليسأل به تعالى فإنه خبير بما فعل بهم عن رحمته وحكمته بحيث تدفع الشبهة . ومثله أيضا قوله تعالى : ثم استوى على العرش يدبر الأمر 10 : 3 . ومنها : أنه تنقسم الرحمة منه تعالى إلى الرحمة الواسعة وإلى الرحمة المكتوبة . بيانه أنه قال في التوحيد : في معنى الميم وروى بعضهم ملك الله والله إله كلّ شيء ، الرحمن بجميع خلقه والرحيم بالمؤمنين خاصة . وفيه بإسناده عن صفوان بن يحيى ، عمّن حدثه ، عن أبي عبد الله عليه السّلام . . إلى أن قال : قلت : الرحمن ؟ قال : بجميع العالم ، قلت : الرحيم ؟ قال : بالمؤمنين خاصة وقال : تعالى : ورحمتي وسعت كلّ شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة 7 : 156 [1] . فيستفاد منها أن الرحمة الواسعة هي وسعت كلّ شيء ، وجميع الخلق من مؤمن وكافر وصالح وطالح وجماد ونبات وحيوان . فهذه الرحمة هي الوجود ، والوجود خير محض في نفسه كما حقّق في محلَّه ، ومن هذا الخير الفضل والعدل فيعمّ المؤمن والكافر . وإليه يشير قوله تعالى : ورحمتي وسعت كلّ شيء 7 : 156 وقوله عليه السّلام : قلت : الرحمن ؟ قال : بجميع العالم ، أو قوله عليه السّلام : الرحمن بجميع خلقه ، وسمي بالرحمة الواسعة لقوله تعالى : وسعت كلّ شيء 7 : 156 وهذه هي الرحمة الواسعة . وأما الرحمة المكتوبة وهي الرحمة الخاصة المشار إليها بقوله تعالى : فسأكتبها للذين يتقون 7 : 156 الآية .