معدنه . والمعدن : مستقر الجوهر . وفي الحديث كما في البحار [1] عن كتاب شهاب الأخبار قال النبي صلَّى الله عليه وآله : " الناس معادن كمعادن الذهب والفضة " والمعنى : أن الناس يتفاوتون في مكارم الأخلاق ، ومحاسن الصفات ، تفاوت المعادن ، انتهى . فحينئذ معنى كونهم عليهم السّلام معدن الرحمة أي مركزها ومحل إقامتها ومستقرها هو ذواتهم المقدسة . وأما الرحمة ، ففي المجمع : قوله تعالى : الرحمن الرحيم 1 : 3 ، هما اسمان مشتقان من الرحمة ، وهي في بني آدم عند العرب : رقّة القلب ثم عطفه ، وفي الله : عطفه وبرّه ورزقه وإحسانه . أقول : أصل الرحمة هو العطف وهو غير مسبوقة بالرقة في الله تعالى ، لاستحالة تلك فيه تعالى . وأما في غيره فلا يكون إلا وهي مسبوقة بالرقة غالبا . وكيف كان فأصلها العطف وهو لا يكون إلا بشيء يكون أثره كالرزق والعطاء والعفو ونحوها ، فما ذكر في اللغة من البرّ والرزق وغيرهما فإنما هو من آثارها ومظاهرها كما لا يخفى . فجميع موارد استعمال الرحمة في الخلق والخالق إنما هو بيان مصاديقها الناشئة من صفة العطف كما لا يخفى . الأمر الثاني : لا ريب في أن الرحمة ومشتقاتها ، التي أطلقت عليه تعالى ، إنما هي بلحاظ أنها صفة من صفاته فهو الرحمن الرحيم . وعلمت أن جميع أسمائه مرجعه إلى أنها صفاته تعالى ، والصفات إذا لوحظت بالنسبة إليه تعالى لها اعتبارات : الأول : اعتبار أنها عين الذات كالعلم مثلا ، يعني أن ذاته المقدسة كافية بوحدتها عن كلّ ما هو أثر للعلم ذاتا فهو عالم أي ليس يجهل ، فنفي الجهل عن ذاته تعالى