الوجودية تحتاج إلى ما في قلبك ، فتستمد من بعض قواك ، لدرك ما في خزينة قلبك فتفيده لغيرك . هذا وقد حقق في محلَّه أن الإنسان الكامل هو العالم الكلي ، الذي انطوى فيه العالم الأكبر كما قال علي عليه السّلام : < شعر > أتزعم أنك جرم صغير . وفيك انطوى العالم الأكبر < / شعر > فإذا أمكن في فرد أن يكون كذلك ، فما ظنك بالنبي والأئمة عليهم السّلام فإن حقيقتهم عليهم السّلام هو اللوح المحفوظ المجتمع فيه جميع حقائق الأمور ؟ ولكن في موارد الاحتياجات الخارجية حسب تطورات الأمور يستمد النبي مثلا أو الوصي من تلك الخزينة القلبية الحقيقية بواسطة الملك أو جبرئيل ، الذي هو بعض قواه وشئونه فيلقيه إلى الناس ، فافهم واغتنم واكتمه إلا عن أهله . وأما الأمر الثاني : فحاصله : أنه قد ورد في الحديث : أن جبرئيل عليه السّلام قال عند موت النبي صلَّى الله عليه وآله : " هذا آخر نزولي إلى الدنيا ، والآن أصعد إلى السماء ولا أنزل أبدا " . هذا مع أنه تقدم أن الملائكة بل وجبرئيل عليه السّلام كان ينزل إليهم كما تقدمت أحاديثه بل في الحديث : أن الملائكة كانت تقول بعضها لبعض عند موت النبي صلَّى الله عليه وآله : " هذا صاحبنا بعد رسول الله صلَّى الله عليه وآله مشيرا إلى أمير المؤمنين " . وروي أيضا : أن عليا عليه السّلام كان يخطب في مسجد الكوفة فقال : " سلوني قبل أن تفقدوني ، فأتاه رجل فقال : أخبرني أين جبرئيل الآن ؟ فرمق عليه السّلام السماوات ثم رمق الأرضين والجهات فقال للسائل : أنت جبرئيل ، فقال : صدقت ، فعرج إلى السماء والناس ينظرون إليه " . وتقدم أنه كانت تأتيهم الملائكة ويقعدون على فرشهم وعلى متكآتهم ، ويرونهم فكيف التوفيق بين هذين الأمرين ؟ هذا ، ولكن يجمع بينهما بما حاصله : أن نزول جبرئيل بالوحي التأسيسي على النبي صلَّى الله عليه وآله بحيث يسمع النبي ويرى شخص