الخلق الأول ( أي النور الأول ) وينزل في نفوسهم من عقولهم ، وينزل في ظواهرهم من نفوسهم بواسطة الملائكة التي تحدثهم عن نفوسهم ، عن عقولهم عن حقائقهم ، عن الماء ، عن فعل الله سبحانه . وبعبارة أخرى : أيضا يتجلَّى منه تعالى نوره في حقائقهم ، وتتجلَّى حقائقهم في عقولهم ، وتتجلَّى عقولهم في نفوسهم وتتجلَّى نفوسهم في ظواهرهم في الحالات والأفعال والأقوال الصادرة منهم ( صلوات الله عليهم أجمعين وروحي لهم الفداء ) فيعبّر حينئذ عن تلك التجليات وعن الحامل لها بجبرئيل وبالملك ونحوهما كما لا يخفى . فظهر أن جبرئيل ينزل الوحي منه تعالى إليهم ، أي يتجلَّى بعض شأنهم العالي لبعض شأنهم النازل ، فالملك أو جبرئيل خادمهم في هذا الأمر ، وهذه التجليات بأمر الله تعالى . ويكون كلّ من تلك الإيحاآت والتجليات والإلهامات بإذنه تعالى على حسب ما تقتضيه حكمته البالغة وعلمه النافذ ، فهم عليهم السّلام كلَّهم أفضل من جميع الملائكة مطلقا ، والملائكة في الوحي وغيره مأمورون بأمرهم وبأمر الله ، وهم الخدمة لهم عليهم السّلام . ويوضح لك هذا أن خواطرك التي ترد عليك بالتذكر والفهم والمعرفة حتى تستفيد منها العلوم والفهم والتذكر ، إنما يرد عليك من قلبك . بيانه : أن حقيقتك هو روحك وقلبك ، فهو مخزن لمعارفك ، وأنحاء علومك ففيه مثلا من علم المعارف والفقه والفلسفة والهيئة ونحو ذلك . وأنت حينئذ إذا كنت في جماعة فلو سألك واحد عن الفلسفة ، فترجع بقوة المفكرة إلى الذهن المجتمع فيه تلك الأمور ، فتأخذ منه المطالب الفلسفية مثلا ، وهكذا بالنسبة إلى ساير العلوم . فأنت بالحقيقة لك القلب المجتمع فيه تلك العلوم ، ثم في تطورات الحالات