أنوارهم من السماء والأرض والجنة وما يرى وما لا يرى ، وعلمت أيضا أن النبي صلَّى الله عليه وآله هو المجلى بالتجلي الأعظم ، الذي فيه ظهور جميع حقائق الموجودات ، وعلمت أيضا أن عندهم الاسم الأعظم بتمام مراتبه . فحينئذ يستفاد من هذه أن جميع الملائكة حتى جبرئيل وميكائيل وغيرهم من الملائكة المقربين إنما هم من شؤونهم عليهم السّلام فهم محيطون بهم ولا عكس ، وذلك لأن الأصل محيط بالفرع كما لا يخفى . فالملائكة بأجمعها بما لها من الأفعال المختلفة التي تقدمت الإشارة إلى أقسامها إنما هي عوامل القدرة الكائنة والقائمة بحقيقتهم ، فالملائكة الفعّالة والمدبّرة وسائرها من شؤون حقائقهم وآثارها . فحينئذ معنى نزول الوحي عليه صلَّى الله عليه وآله أو نزول الملائكة وتحديثهم لهم عليهم السّلام هو ظهور الملائكة مع ما لها من الوحي والإلهام على حقائقهم وعقولهم ونفوسهم وظواهرهم ، وفي كلّ مقام من هذه المهابط الأربعة ينزل فيه مما هو أعلى منه إلى ما هو أدنى ، أي يظهر شأن من حقيقتهم العالية إلى شأن من حقيقتهم النازلة . توضيحه : أن الشأن العالي لهم هو حقائقهم الأولية ثم المرتبة النازلة وهي عقولهم ، ثم النازلة منها وهي نفوسهم ، ثم المرتبة النازلة هي ظواهرهم المرتبة في عالم الوجود الظاهري الدنيوي . فحينئذ معنى نزول الوحي إليه صلَّى الله عليه وآله هو أنه ينزل من فعل الله المعبّر عنه بقوله : وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا 42 : 52 إلى حقائقهم ، أي إلى حقيقة النبي صلَّى الله عليه وآله وتارة يكون بواسطة جبرئيل عليه السّلام الذي هو شأن من شأنه صلَّى الله عليه وآله فيكون فعله تعالى هو إظهار بعض حقيقته إلى مرتبة نازلة منها وهي مرتبة العقل بواسطة جبرئيل . وربما ينزل من عقولهم إلى نفوسهم ومن نفوسهم إلى ظاهرهم عليهم السّلام وتكون المراتب الأخيرة في الإمام عليه السّلام . وبعبارة أخرى : ينزل في حقائقهم من فعل الله وفي عقولهم من الماء الأول أي