الباقي يقال : غبر غبورا من باب قعد ( بقي ) وقد يستعمل فيما مضى فهو من الأضداد . أقول : الغابر يستعمل في الماضي وبمعنى الباقي ، ففي هذا الحديث يراد منه الباقي بقرينة مقابلته مع الماضي في صدر الحديث ، فحينئذ قوله : وأما الغابر ، أي العلم الباقي لنا في خزانة علمه تعالى فهو مزبور ومكتوب في اللوح المحفوظ . قوله : وأما الحادث ( أي الذي يحدث لنا ونحدثه ) فهو الذي نتلقاه إما بقذف في القلوب وإما بنقر في الأسماع وهذا يفسر قولهم : وأما المحدث فهو الذي يحدث فيسمع ولا يعاين ، الحديث . وأما قوله عليه السّلام : وهو أفضل علمنا ، فيراد منه ما رواه في الكافي بإسناده عن المفضل بن عمر قال : قال أبو عبد الله عليه السّلام : إن سليمان ورث داود ، إن محمدا صلَّى الله عليه وآله ورث سليمان ، وإن عندنا علم التوراة والإنجيل والزبور وتبيان ما في الألواح ، قال : قلت : إن هذا لهو العلم قال : ليس هذا هو العلم ، إنّ العلم الذي يحدث يوما بعد يوم وساعة بعد ساعة . ومثله فيه ما عن ضريس الكناسي عنه عليه السّلام فإن قوله عليه السّلام : إن العلم الذي يحدث يوما بعد يوم . . إلخ يشار به إلى قوله في الحديث عن الكاظم عليه السّلام : وهو أفضل علمنا ، فإنه علم يفيض من عند الله على قلب الامام عليه السّلام قذفا أو نقرا كما تقدم يوما بعد يوم وساعة بعد ساعة فينكشف به من الحقائق بنحو تطمئن به القلوب ، وتنشرح به ويتنور به المشاهدة والعيان ، فهذا هو أفضل العلم الحاصل لهم منه تعالى آنا فآنا . ومما يدل على نزول الملائكة عليهم الأخبار الواردة في باب ليلة القدر فمنها : ما في الكافي بإسناده عن أبي جعفر عليه السّلام قال : قال الله تعالى في ليلة القدر فيها يُفرق كلّ أمر حكيم 44 : 4 ، يقول : ينزل فيها كلّ أمر حكيم والمحكم ليس بشيئين إنما هو شيء واحد ، فمن حكم بما ليس فيه اختلاف ، فحكمه من حكم الله تعالى ومن حكم بحكم فيه اختلاف فرأى أنه مصيب فقد حكم بحكم الطاغوت ، إنه لينزل في ليلة