فعن صاحب الديلم قال : سمعت الصادق عليه السّلام يقول وعنده أناس من أهل الكوفة : عجبا للناس إنهم أخذوا علمهم كلَّه عن رسول الله صلَّى الله عليه وآله فعلموا به واهتدوا ، ويرون أن أهل بيته لم يأخذوا علمه ونحن أهل بيته وذريته في منازلنا ينزل الوحي ، ومن عندنا خرج العلم إليهم أفيرون أنهم علموا وأهتدوا وجهلنا نحن وظللنا ؟ إنّ هذا المحال . وفي الكافي بإسناده عن الحكم بن عيينة قال : لقي رجل الحسين بن علي عليه السّلام بالثعلبية وهو يريد كربلاء فدخل عليه فسلَّم عليه ، فقال له الحسين عليه السّلام : من أي البلاد أنت ؟ قال : من أهل الكوفة ، قال : أما والله يا أخا أهل الكوفة لو لقيتك بالمدينة لأريتك أثر جبرئيل من دارنا ، ونزوله بالوحي على جدّي ، يا أخا أهل الكوفة أفمستقي الناس العلم من عندنا فعلموا وجهلنا هذا ما لا يكون ؟ الثالث : أنهم مهبط الوحي باعتبار نزوله عليهم ، وتحديث الملائكة لهم بغير الشرايع والأحكام كالمغيبات ، أو الأعم منها في ليلة القدر وغيرها بأن يقال : إنّ الوحي التشريعي الحكمي مختص بالنبي صلَّى الله عليه وآله وأما في غيره فيعمّه صلَّى الله عليه وآله ويعمّهم عليهم السّلام ولا ينافي هذا كمال الدين في زمن الرسول صلَّى الله عليه وآله إذ الكمال مختص بالأحكام . وأما ساير الأخبار حسب الحوادث فلا ، إذ هذه لا ينافي كمال الدين كما لا يخفى ، فالحكم قد كمل في زمن الرسول وهم يحكمون بذلك ، وأما ساير الأمور فهم فيها محدثون ، كما دلَّت عليه أخبار كونهم محدّثين وهي كثيرة كما لا يخفى ، ويدل على هذا مضافا إلى ما تقدم جملة من الأخبار . فمنها ما رواه في الكافي بإسناده عن الكاظم عليه السّلام قال : مبلغ علمنا على ثلاثة وجوه : ماض وغابر وحادث ، فأمّا الماضي فمفسّر ، وأما الغابر فمزبور وأما الحادث فقذف في القلوب ونقر في الأسماع ، وهو أفضل علمنا ولا نبي بعد نبينا . قوله عليه السّلام : فأما الماضي فمفسّر ، أي الذي فسّرناه وخرج منا إليكم وهو العلوم الحاصلة للشيعة والعلماء منهم عليهم السّلام ، قوله عليه السّلام : وأما الغابر فمزبور ، ففي المجمع : والغابر