أقول : قوله : ولم يسمع ، كان المراد به أنه لم يجمع له بين الأمرين كما يجمع للرسول . وفيه بإسناده عن مؤمن الطاق قال : سألت أبا جعفر عليه السّلام : فمن النبي والمحدث ؟ قال : . . إلى أن قال عليه السّلام : وأما المحدث فهو الذي يحدث فيسمع ولا يعاين ولا يرى في منامه . فعلم من هذا : أن المحدث يلقي إليه الكلام بدون المعاينة كما كان للرسول صلَّى الله عليه وآله . وتوضيحه : أن الوحي الذي أنزل على محمد صلَّى الله عليه وآله هو أقصى مراتب التوحيد ، الذي هو جامع لتمام مراتبه ، الذي هو مرآة للوحدة الإلهية لا لخصوص مرتبة من مراتبها ولذا قال تعالى : قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إليّ أنما إلهكم إله واحد 18 : 110 وقال تعالى : إنما يوحى إليّ أنما إلهكم إله واحد 18 : 110 . فالمراد بذلك الوحي حقيقة نبوته ، التي هي حقيقة الاسم الأعظم الذي ألقاه إلى قلبه الشريف كما أشير في قوله عليه السّلام : " اللَّهمّ إني أسألك بالتجلي الأعظم " . فحقيقة الوحي هو ذلك التجلي الكلي الذي شمل جميع مراتب أسماء الله الحسني بحيث لا يشذ عنه شاذ ، فقلبه الشريف وسع فيه ما سواه تعالى ، ولعله إليه يشير قوله صلَّى الله عليه وآله : " من أن أسماء جميع الخلق من أهل الجنة والنار يكون في كفي " في الحديث المروي عنه صلَّى الله عليه وآله . كما في بصائر الدرجات بإسناده عن محمد بن عبد الله قال : سمعت جعفر بن محمد عليه السّلام يقول : خطب رسول الله صلَّى الله عليه وآله الناس ثم رفع يده اليمنى قابضا على كفّه ، قال : أتدرون ما في كفي ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، فقال : فيها أسماء أهل الجنة ، وأسماء آبائهم وقبائلهم إلى يوم القيمة ، ثم رفع يده اليسرى فقال : أيها الناس أتدرون ما في يدي ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، فقال : فيها أسماء أهل النار وأسماء آبائهم وقبائلهم إلى يوم القيامة ، ثم قال : حكم وعدل وحكم الله وعدل وحكم الله وعدل فريق في الجنة وفريق في السعير .