فيه تأمل وسيأتي بيانه ، ولما ذكر توضيح آخر في محله . وقد يقال : في الفرق بين معارف الأنبياء والأولياء ( أي الأئمة ) وبين معارف العلماء ما حاصله : أنه لو فرض حوضان : أحدهما : يجري فيه الماء من فوقه بواسطة أنهار مثلا . وثانيهما : فيه الماء لأجل اتصاله من تحته بالعين الغريزية المنفجرة تحته . فالعلماء علمهم من طريق أنهار الحواس الظاهرية والباطنية الموجبة لإجراء العلم في القلب . وأما الأنبياء والأئمة عليهم السّلام فيفجر العلم لهم من ينبوع من داخل سويداء القلب باتصاله باللوح المحفوظ بلا واسطة ، أو بواسطة المعطي لهم ذلك العلم من اللوح المحفوظ حسب اختلاف الأنبياء ، كما لا يخفى . فأين هذا من الأول ؟ فإن علم الأول يمكن نفاده لأجل سدّ باب الحواس بل بالخدشة فيه لأجل الالتباس بإلهام الخناس كما لا يخفى . ومما ذكر علم أصل المطلب في نزول العلم من اللوح المحفوظ إلى أرض القلوب في الجملة . وأما بيان المراد من قوله عليه السّلام : " ومهبط الوحي " فيتضح ببيان الفرق بين النبي والرسول والمحدث ، أما الفرق بين الرسول والنبي فقد تقدم ، وأما الفرق بينه وبين المحدث فنقول : في الكافي ، علي عن أبيه عن ابن مرازم قال : كتب الحسن بن العباس المعروفي إلى الرضا عليه السّلام : جعلت فداك أخبرني ما الفرق بين الرسول والنبي والإمام ؟ قال : فكتب أو قال : الفرق بين الرسول والنبي والإمام أن الرسول الذي ينزل عليه جبرئيل فيراه ويسمع كلامه وينزل عليه الوحي ، وربما رأى في منامه نحو رؤيا إبراهيم ، والنبي ربما سمع الكلام وربما رأى الشخص ولم يسمع ، والإمام هو الذي يسمع الكلام ولا يرى الشخص .