أدغمت فيه وأخذ في معنى الوحي الاخفاء ولذا قيل : قوله تعالى : وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي 16 : 68 أي ألهمها وقذف في قلبها وعلمها على وجه لا سبيل لأحد على الوقوف عليه . وقيل : معنى أوحى أي أومأ ورمز إليه ، وقسم بعضهم الوحي إلى وحي إلهام وإلى وحي إعلام وفسر بالثاني قوله تعالى : وأوحينا إلى أمّ موسى 28 : 7 أي أعلمناها يدل عليه قوله تعالى : إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين 28 : 7 . وأصل الوحي في لغة العرب إعلام في خفاء ولذلك يسمى الإلهام وحيا . أقول : قد علم مما ذكر أن الوحي هو الإعلام في خفاء ، وله مصاديق فجميع ما ذكر إنما هو مصاديقه قد استعمل لفظ الوحي فيه بنحو الحقيقة ، نعم حيث إنه مشترك معنوي لا بد من القرينة . ومما ذكرنا يظهر وجه النظر فيما عن الجميع في بعض كلامه كما لا يخفى ، هذا من حيث اللغة . وأما بيانه من حيث استعماله في الشرع بالنسبة إلى النبي صلَّى الله عليه وآله والأئمة عليهم السّلام وكذلك بالنسبة إلى غيرهم فنقول : قد نبه القرآن على أن حقائق الأشياء كلَّها مسطورة في اللوح المحفوظ قال الله تعالى : . . كتاب أحكمت آياته ثم فصّلت من لدن حكيم خبير 11 : 1 [1] . ومن هنالك يخرج إلى الوجود ، فالعلوم إنما تفيض من ذلك العالم على القلوب بأنحاء مختلفة بواسطة القلم العقلي الكاتب في ألواح النفوس قال تعالى : أُولئك كتب في قلوبهم الإيمان 58 : 22 وقال تعالى : . . علَّم بالقلم . علَّم الإنسان ما لم يعلم 96 : 4 - 5 . والقلب الإنساني هو الصفحة الصالحة لأن تنتقش فيه العلوم كلها ، فهي كمرآة مستعدة لأن تتجلى فيها الحقائق الواقعية بالنسبة إلى كلّ أمر . نعم إن بعض النفوس خالية عن تلك الحقائق لأمور منها لنقصان ذاتي كقلب