قوله عليه السّلام : ومختلف الملائكة . محلّ ترددهم أي ذهابهم وإيابهم إليهم عليهم السّلام بمعنى أن نزول الملائكة إلى الأرض إنما هو ابتداء إليهم عليهم السّلام ورجوعهم إلى السماء منهم من عندهم . أقول : الكلام هنا يقع في مقامين : المقام الأول : في بيان الوجه والعلة لاختلاف الملائكة إليهم . والمقام الثاني : في بيان أنحاء نزول الملائكة . أما الأول : فنقول وعليه التوكل : لا ريب في أن جميع الموجودات الأرضية والسماوية مخلوقون من أشعة أنوار وجودهم حتى الملائكة ، فوجود الكلّ فرع وجود الأصل ، ولا شك في أن الفرع يتخذ وظائفه من الأصل ، ومرجعه في جميع شؤونه إليه ، حيث إن قوام وجوده به فلا محالة يرتبط في حالاته بأصله . فالأئمة عليهم السّلام مبدأ انبعاث الملائكة بأقسامها المدبّرات للأمور السماوية والأرضية بأنحائها . توضيحه أنه لا ريب في اختلاف جهات قوابل الملائكة ، واستمداداتهم منهم عليهم السّلام في بدء خلقهم من أنوارهم عليهم السّلام وأيضا الملائكة مختلفون في تلقيهم الكمالات بأنحاء الاستمدادات المتنوعة من المعارف وساير العلوم ، ومن أنحاء التحملات لتلك العلوم والقوى للتأدية إلى من شاء الله وإلى ما شاء الله من أنواع الخلق . إذ من المعلوم أن الملائكة في تلقي تلك الأمور مختلفون في الجهات والأفعال والمفعولات اختلافا كبيرا عدد ذرّات الموجودات ، فكلّ ملك يتحمل - بحسب قابليته وما يناسبه ، وما هو جنسه أو نوعه أو شخصه - كلّ ذلك الاختلاف . والتباين والتمايز إنما هو منحصر علمها في جهتهم عليهم السّلام وهم معلمو الملائكة في ذلك ، ولذلك يكون اختلاف الملائكة بهذه الجهة والعلة إليهم عليهم السّلام . وتدل أحاديث كثيرة على أن الملائكة منبعثون من أنوارهم في عالم الأرواح