تعالى كما قال عليه السّلام : " يعرفك بها من عرفك " فحينئذ يكون المراد أنه سبحانه لا يعرف إلا بتلك المقامات ، وهي لا تتحقق إلا بهم وفيهم كما أن القائم لا يتحقق إلا بالقيام . وهذا قول أمير المؤمنين عليه السّلام كما تقدم : " لا يعرف الله إلا بسبيل معرفتنا " فهم عليهم السّلام أركان توحيده وآياته ومقاماته . وإنما لا تعطيل لها بكلّ مكان ، لأنه بعد ما ملئت بهم السماء والأرض ، فلازمه لا تعطيل لها في أي شيء ، ولا أي مكان ، ولا أي زمان ، ولأنه وجه الله تعالى الذي قال تعالى : أينما تولَّوا فثم وجه الله 2 : 115 وقد وردت في ذيل هذه الآية الأحاديث الكثيرة على أنهم وجه الله تعالى فراجع البحار والكافي ، ولأن إثبات التوحيد لا يكون إلا بالخلق وفي الخلق ، إذ مع قطع النظر عن الخلق لا موضوع للإثبات . وحينئذ حيث إنّ ذاته تعالى تجل عن إدراك العقول لها ، كما دلّ عليه كثير من الأحاديث . كما قال موسى بن جعفر عليه السّلام فيما رواه الشيخ الطوسي رحمه الله في حديث طويل . . إلى أن قال عليه السّلام : " لأنهم صفوة الخلق اصطفاهم لنفسه ، لأنه لا يرى ولا يدرك ولا تعرف كيفيته ولا انيته ، فهؤلاء الناطقون المبلغون عنه المتصرفون في أمره ونهيه ، فبهم تظهر قدرته ، ومنهم ترى آياته ومعجزاته ، وبهم ومنهم عبادة نفسه ، وبهم يطاع أمره ، ولولاهم ما عرف الله ، ولا يدرى كيف يعبد الرحمن ، فا لله يجري أمره كيف يشاء فيما يشاء ، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون " انتهى وسيجئ الحديث بتمامه فيما بعد فالعقول لا تدركه . ولا توهم الأوهام ، لأن العقول والأوهام إنما تدرك أنفسها ، وتشير إلى نظائرها كما أشير إليها في كلمات أمير المؤمنين عليه السّلام في النهج . فحينئذ لا يعرف الله تعالى في كلّ حال ومكان إلا بمعرفتهم ، التي عرفت حقيقتها ، وأنها صفة قائمة به تعالى ، فصفتهم لا فرق بينها وبينه تعالى في جهة