صفاته ، وكونهم لا فرق بينها وبينه إلا أنهم عباده كما علمت ، يعني أن تلك الصفات قائمة بذاته تعالى يبين ذاته تعالى كما أن من شأن الصفة بيان الموصوف . فمعرفته تعالى إنما هي دائما في ظرف معرفة هذه الصفة . وإليه أشير في قوله عليه السّلام : لا تعطيل لها في كل مكان في غيبتك وحضرتك وجميع تحولاتك ، إذا عرفتها فقد عرفته . وبعبارة أخرى أن قوله عليه السّلام : " لا فرق بينك وبينها إلا أنهم عبادك " يعني لا فرق بينه وبينهم عليهم السّلام إلا أنهم عباده أي أنه تعالى ظهر للعبد أي الإمام بالعبد ، وهذا أحد مصاديق قول أمير المؤمنين عليه السّلام : " بل تجلى لها بها ، " ففي المقام أنه تعالى تجلى بهم لهم . ومن المعلوم أنهم المظاهر لأول التجلي ، وللتجلي الأعظم كما علمت وستعلم . ومما يوضح لك هذا هو قولك : جاء زيد القائم ، فإذا قلت : القائم ، فهو صفة زيد ، وهو ظهور زيد بالقيام وليس ( أي القيام ) هو زيدا ، ولذا لم يستتر فيه ضميره ، وإنما استتر فيه جهة فاعلية قيامه ، وتلك الجهة قائمة بزيد قيام صدور ، وقائمة في غيب قائم قيام ظهور ، وقائم قائم بتلك الجهة الفاعلية قيام تحقق ، حيث إنه بتلك الجهة قام ظهورا يعني أن تلك الجهة لا تظهر إلا في قائم ، وقائم لا يتحقق إلا بها ، لأن تلك الجهة مبدء وجود القائم ، وهي حركته أحدثها زيد بنفسها ، وهي ليست زيدا وإنما هي حركة ، فالقائم مثال زيد أي مبين مثال زيد في ظهوره بفعله ، أي تلك الحركة ، أي القيام وما أشبهه من العقود والتكلَّم ونحوهما ، فزيد مثلا تعرفه مما وصف به نفسه ، وهو ما ظهر لك من هذه الحركة أعني القيام ونحوه ، الذي هو غير زيد وإنما هو مظهره . إذا علمت هذا وتفطَّنته فنقول : حقيقتهم عليهم السّلام كالقيام ، وظهوره تعالى بتلك الحقيقة أي صفة القائم ، وكما أنّ القائم هو المقام الذي يعرف زيدا به من عرف مثلا أي لا يعرف زيدا إلا به ، فكذلك معرفته تعالى إنما هي بهم أي بحقيقتهم القائمة به