والمعاني ؟ قال عليه السّلام : أما البيان فهو أن تعرف الله سبحانه ليس كمثله شيء ، فتعبده ولا تشرك به شيئا ، وهو المعبّر عنه أيضا في حديث جابر الجعفي بقوله عليه السّلام المعرفة إثبات التوحيد أولا ، وعبّر عنه في حديث الصادق عليه السّلام المروي في البصائر بقوله عليه السّلام : إن أمرنا هو الحق وحق الحق ، وقوله : السرّ المقنع بالسرّ وهو إشارة إلى مقام التوحيد الحقيقي المشهود بنحو يخصّهم دون غيرهم ، الذي عبّر عنه في قوله تعالى : شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأُولوا العلم 3 : 18 . حيث إن أولي العلم الذي فسّر بهم عليه السّلام هم الشاهدون لوحدانيته تلوا شهادته تعالى لنفسه بالوحدانية ، فاصل الولاية التي هو باطن النبوة والرسالة ما ظهر فيها هذه المعرفة البيانية له تعالى ، وكذلك المطلوب من غيرهم هو هذه المعرفة ، وهو معرفته بنفسه تعالى من نفسه كما في حديث سدير عن الصادق عليه السّلام الطويل ولعلَّه يجيء ذكره ، وإليه يشير قول أمير المؤمنين عليه السّلام في النهج : لا تحيط به الأوهام بل تجلى لها بها ، وبها امتنع منها . وإليه وإلى مأخذه أشير في الحديث المشهور عنهم من قوله عليه السّلام : نحن الأعراف الذين لا يعرف الله إلا بسبيل معرفتنا أي هذه المعرفة إنما يكون من طريقنا كما سيجيء بيانه مفصلا في شرح قوله عليه السّلام : السلام على محال معرفة الله . والحاصل : أن مقام البيان هو إثبات التوحيد ومعرفة الله بصفته ، التي وصف بها نفسه لعباده الذين أراد أن يعرفوه بها ، وهذه الصفة التي تكون بها معرفة الله تعالى هو مقامهم المولوي الذي هو باطن النبوة والرسالة وهو المعبّر عنه في قوله عليه السّلام في دعاء رجب عن الحجة عليه السّلام : فجعلتهم معادن لكلماتك ، وأركانا لتوحيدك وآياتك ومقاماتك ، التي لا تعطيل لها ، في كل مكان يعرفك بها من عرفك ، لا فرق بينك وبينها إلا أنهم عبادك وخلقك ، فتقها ورتقها بيدك ، بدؤها منك وعودها إليك ، أعضاد وإشهاد ومناة وأذواد وحفظة ورواد ، فبهم ملأت سماءك