يأتيه جبرئيل قبلا فيراه ويكلَّمه فهذا الرسول . وأما النبي فهو الذي يرى في منامه نحو رؤيا إبراهيم ، ونحو ما كان لرسول الله صلَّى الله عليه وآله من أسباب النبوة قبل الوحي حتى أتاه جبرئيل عليه السّلام من عند الله بالرسالة ، وكان محمد صلَّى الله عليه وآله حين جمع له النبوة وجاءته الرسالة من عند الله يجيئه بها جبرئيل ويكلَّمه بها قبلا ، ومن الأنبياء من جمع له النبوة ويرى في منامه ويأتيه الروح ويكلَّمه ويحدثه من غير أن يكون يرى في اليقظة . وأما المحدث فهو الذي يحدث فيسمع ولا يعاين ولا يرى في منامه . قال المجلسي في مرآة العقول : واعلم أن تحقيق الفرق بين النبيّ والإمام عليهما السّلام واستنباطه من تلك الأخبار لا يخلو من إشكال . . إلى أن قال : وأما الفرق بين الإمام والنبي وبين الرسول إن الرسول يرى الملك عند إلقاء الحكم ، والنبي غير الرسول والإمام لا يريانه في تلك الحال ، وإن رأياه في ساير الأحوال إلى آخر ما قاله رحمه الله . أقول : الفرق بينهما هو ما ذكره في صحيح الأحول وحاصله ما هو المشهور من أن النبي الذي أخبر عنه تعالى ولم يؤمر بالتبليغ ، والرسول ما أمر بالتبليغ أيضا ، فكل رسول نبي ولا عكس ، فإن قوله : الرسول الذي يأتيه جبرئيل قبلا ، أي قبل التبليغ فيأمره بالتبليغ فيراه ويكلَّمه فهذا الرسول أي بعد ما أمر بالتبليغ يكون رسولا . وأما النبي إلى قوله عليه السّلام : من عند الله بالرسالة أي الذي يرى في منامه وينبأ عنه تعالى قبل نزول جبرئيل لأمره بالتبليغ فهو نبي كما لا يخفى ، وأما ما في ذيل الحديث من تعريف المحدث فتحقيقه موكول إلى محله . هذا ولبعض أهل المعرفة كلام في سرّ النبوة والرسالة لا بأس بذكر الملخّص منه . قال بعض العارفين : النبي من أطلعه الله من صفوة خلقه على ما يشاء من أحكام وحيه وأسرار غيبه وأمره ، تارة بالمشافهة ، وتارة بواسطة ملك ، وتارة