فمن كان هذا شأنهم وحالهم وعبادتهم كيف يحتمل في حقهم الغلو ، نعم مقام ولايتهم عالي الشأن رفيع المكان عظيم الدرجة كما علمت . ثم إنه يعجبني أن أذكر حديثين في زهده وعبادته ، لنبين به المقصود ويكون إرشادا إلى الهدى : ففي غاية المرام للسيد البحراني ( رضوان الله عليه ) قال في رسالة الأهواز للصادق عليه السّلام قال أبي : قال علي بن الحسين عليه السّلام : سمعت أبا عبد الله الحسين عليه السّلام يقول : حدثني أمير المؤمنين عليه السّلام قال : إني كنت بفدك في بعض حيطانها ، وقد صارت لفاطمة عليها السّلام قال : فإذا بامرأة قد قحمت عليّ وفي يدي مسحاة وأنا أعمل بها ، فلما نظرت إليها طار قلبي مما تداخلني من جمالها فشبهتها ببثينة بنت عامر الجمحي وكانت من أجمل نساء قريش فقالت : يا بن أبي طالب هل لك أن تتزوج بي ، فأغنيك عن هذه ، وأدلك على خزائن الأرض ، فيكون لك المال ما بقيت ومن بعدك ؟ فقلت لها : من أنت حتى أخطبك من أهلك ؟ قالت : أنا الدنيا ، قلت : فارجعي واطلبي زوجا غيري ، وأقبلت على مسحاتي وأنشأت أقول : < شعر > لقد خاب من غرته دنيا دنية وما هي إن غرت قرونا بطائل أتتنا على ذي العزيز بثينة وزينها في مثل تلك الشمائل فقلت لها غرّي سواي فإنني عزوف عن الدنيا ولست بجاهل وما أنا والدنيا فإن محمّدا أحلّ صريعا بين تلك الجنادل وهبها أتتنا بالكنوز ودرّها وأموال قارون وملك القبائل أليس جميعا بالفناء مصيرها ؟ وتطلب من خزانها بالطوائل فغري سواي إنني غير راغب بما فيك من ملك وعزّ ونائل فقد قنعت نفسي بما قد رزقته فشأنك يا دنيا وأهل الغوائل فإني أخاف الله يوم لقائه وأخشى عذابا دائما غير زائل < / شعر >