ولعمري إنه كيف يتوهم القول بألوهيتهم عليهم السّلام مع ما يرى من عبادتهم وتقواهم وزهدهم بحيث لا نرى أحدا مثلهم ؟ فهم الكاملون في الأعمال العبادية وصفات العبودية وحقيقة العبودية . فعن النبي صلَّى الله عليه وآله كما في الرسالة المنسوبة إلى السيد بحر العلوم ( رضوان الله عليه ) : من أراد أن ينظر إلى ميت وهو يمشي فلينظر إلى علي بن أبي طالب عليه السّلام حيث دلّ صلَّى الله عليه وآله بكلامه على أنه عليه السّلام في قبال الرب كأنه ميت ، وهو باق ببقاء الله فان عن النفس كما يشير إليه قوله صلَّى الله عليه وآله أيضا ، كما في تلخيص الرياض للسيد عليخان على شرح الصحيفة السجادية : إن عليا ممسوس في ذات الله . وقوله صلَّى الله عليه وآله : إن عليا لأخيشن في ذات الله أي أنه عليه السّلام شديد التصلَّب والتشديد في الأمور الإلهية لا يداري فيها ولا يداهن ولا تأخذه لومة لائم . وقال السيد عليخان الحسيني ( رضوان الله عليه ) في شرحه على الصحيفة السجادية في معنى قوله صلَّى الله عليه وآله : علي ممسوس في ذات الله : شبهه صلَّى الله عليه وآله في تشدده وتصلبه عليه السّلام في الأمور الإلهية ، وعدم ملاحظته للوم لائم أو رعاية جانب بالمجنون ، الذي لا يبالي بما يقال فيه من لوم أو مذمة ، ولذا نسبه أعداؤه إلى الحمق ، وعدم المعرفة بتدبير الحروب ، واستمالة قلوب الرجال حتى فارقه كثير من أصحابه ، والتحقوا بمعاوية . وهو عليه السّلام لا يلتفت إلى شيء من ذلك في التصميم على إيثار الحق والعدل ، والعمل بهما ولو كره الكافرون . ثم قال رحمه الله : ويحتمل أن يكون وجه التشبيه له بالممسوس ، ما كان يعتريه عليه السّلام من الغشية والهزّة لخشية الله عند اشتغال سرّه بملاحظة جلال الله ، ومراتب عظمة الله سبحانه كما تضمنه حديث أبي الدرداء الذي حكى فيه شدة عبادته عليه السّلام حتى قال : فأتيته فإذا هو كالخشبة ملقاة ، فحرّكته فلم يتحرك ، فأتيت منزله مبادرا نعاه فقالت فاطمة عليها السّلام : ما كان في شأنه ؟ فأخبرتها فقالت : هي والله الغشية التي تأخذه من خشية الله تعالى ، انتهى .