القسم الأوّل : من حصلت له الولاية بنهاية السفر الأوّل ، الذي هو السفر من الخلق إلى الحقّ ، وذلك السفر يحصل بإزالة التعشّق عن المظاهر والأغيار ، والخلاص من القيود والأستار ، والعبور من المنازل والمقامات ، والحصول على المراتب والدرجات حصولا يقينيّا ، بنحو علم اليقين ، ويستلزم هذا السفر الاتصاف بصفات أولياء الله تعالى ، ولكن ليس هذا المقام مقام الوصل ، ومقام الوليّ المطلق ، فلا يتوهم العارف غير الواصل والمشاهد بقوة استعداده للغيوب ، والمتّصف بالصفات الحميدة والأخلاق المرضيّة ، غير السالك طريق الحق بالفناء عن الأفعال والصفات والذات ، المتحقق بمقام قرب النوافل والفرائض ، إنّه وليّ واصل ، لأن هذا الوصل المشار إليه سابقا وصل علمي ، أو شهود قلبي بإلغاء القيودات ، فهو غير واصل في الحقيقة ، لكونه بعد في حجاب العلم والشهود ، وقد قيل : العلم هو الحجاب الأكبر . نعم ، إذا كان الكشف الشهودي موجبا لفناء الشاهد في المشهود ، ومحو العابد في المعبود ، فهو ولي واصل ، إلا أن هذا يلحق بالقسم الثاني : القسم الثاني : هو السالك طريق الحق بالفناء عن الأفعال والصفات والذات ، المتحقق بمقام قرب النوافل والفرائض ، والذي انمحى رسمه ، وزال عنه اسمه ، فتجلى الحق له . وبعبارة أخرى أن أولياء الله هم الذين تطهّروا من الصفات النّفسية ، وتنزّهوا عن الخيالات الوهميّة ، وتخلَّصوا عن القيود الجزئيّة ، وأدّوا أمانة وجودات الأفعال والصفات والذات إلى من هو مالكها بالذات ، وهو المبدئ المتعال ، فعند فنائهم عن أنفسهم ، وبقائهم بالحق يتّصفون بالولاية ، ويحصل لهم ما هو غاية آمال العارفين . فصل : في ذكر حديث شريف فيه بيان أحوال أولياء الله تعالى . في المحكي عن المجلد السابع عشر من بحار الأنوار ، عن أنس بن مالك [1] قال :