حينئذ تكون موقّتة بزمان التبليغ ، فإذا انقضى زمانه انقطعت الرسالة لا محالة . وأما الولاية فلمّا عرفت أنها صفة إلهيّة ، وشأن من الشؤون الذاتيّة ، التي تقتضي الظهور ، فهي لا محالة دائمة لا تنقطع أبدا ، لأن هذه الولاية أثر من الصفات الذاتيّة ، من القدرة والعلم ونحوهما ، فلا محالة تكون دائمة ، وبهذا اللحاظ يكون الولي اسما من أسمائه تعالى دون النبوة والرسالة ، ثم إنه لا يمكن الوصول لأحد من الأنبياء وغيرهم إلى الحضرة الإلهيّة إلا بالولاية التي هي باطن النبوة ، وسيجئ معنى كونها باطن النبوة . فصل : النبوة والرسالة قسمان : تعريفيّتان وتشريعيّتان . اعلم أن النبوّة على قسمين : تعريفّي وتشريعي . أمّا الأوّل : فحاصله أنّ النبوّة التعريفية هي الإنباء عن المعارف الإلهيّة بملاك الفناء في الحق ، وسيجئ بيانه . فهي بهذا المعنى ثابتة للأولياء ، وباقية ببقاء الولاية ، أي لم تنقطع ما دامت الدنيا باقية ، وعند انقطاعها ينتقل الأمر إلى الآخرة ، ولمّا كانت الولاية أكبر حيطة من النبوة التشريعية وباطنا لها ، فلا محالة شملت الأنبياء والأولياء جميعا فالأنبياء أولياء حال كونهم فانين في الحق ، باقين به ، منبئين عن الغيب وأسراره . لما علمت أن الولي هو الذي فنى في الحق تعالى ، وعند هذا الفناء يطَّلع على الحقائق والمعارف الإلهيّة فينبئ عنها عند بقائه ثانيا ، أي بعد الفناء . وكذلك النبيّ ، لأنه من حيث ولايته ، يطَّلع على الحقائق والمعارف ، فتكون بهذا اللحاظ نبوّته تعريفيّة ، فينبئ عنها ، أي عن المعارف والحقائق . فإذا أمر بالتبليغ فالنبوة تشريعية ، وهذا المقام - أي مقام الولاية - كمقام النبوة اختصاص إلهيّ غير كسبي . وبعبارة أخرى : النبوّة التعريفية الملازمة للولاية الإلهيّة من مواهبه تعالى . فصل : صاحب الولاية قسمان : اعلم أنّ صاحب الولاية على قسمين في غير الأنبياء والأئمة عليهم السّلام :