وقال في الفرق بين النبوة والولاية : اعلم : أن النبوة وضع الآداب الناموسية ، والولاية كشف الحقائق الإلهية ، فإن ظهر من النبي تبيين الحقائق فهو بما هو ولي ، فإن كلّ نبيّ ولي ولا عكس ، فإن النبي كمرآة لها وجهان : وجه إلى الحقّ ، ووجه إلى الخلق ، فولايته من وجهه إلى الحقّ ، ونبوته من وجهه إلى الخلق . وقيل : النبوة وضع الحجاب ، والولاية رفع الحجاب ، لأن دفع الفساد أهم في نظر النبي ، وهو لا يتأتى إلا بوضع الحجاب . أقول : في هذا الذيل ما لا يخفى ، وتقدم هذا الكلام وما يقرب منه في لزوم الخليفة الإلهي في الرسالة وفي الولاية فراجعه . وفي شرح الصحيفة السجادية على منشيها آلاف الثناء والتحية ما ملخصه : الولي فعيل : بمعنى المفعول ، وهو من يتولى الله أمره كما قال تعالى : وهو يتولى الصالحين 7 : 196 [1] وقيل : بمعنى الفاعل أي الذي يتولى عبادة الله ، ويوالي طاعته من غير تخلل معصية ، وكلا الوصفين شرط في الولاية . وقال المتكلمون : الولي من كان آتيا بالاعتقاد الصحيح المبني على الدليل ، وبالأعمال الشرعية ، والتركيب يدل على القرب ، فكأنه قريب منه تعالى لاستغراقه في أنوار معرفته وجمال جلاله . وقيل في بيانه : الولي من يتولى الله تعالى بذاته أمره ، فلا تصرف له أصلا إذ لا وجود له ولا ذات ولا فعل ولا وصف ، فهو الفاني بيد المفني يفعل به ما يشاء حتى يمحو رسمه واسمه ، ويمحق عينه وأثره ، ويحييه بحياته ويبقيه ببقائه ، هذا عام يشمل غير الأئمة عليهم السّلام . وقيل : الولي هو المطلع على الحقائق الإلهية ، ومعرفة ذاته تعالى وصفاته وأفعاله كشفا وشهودا من الله خاصّة من غير واسطة ملك أو بشر . وقيل : هو من ثبتت له الولاية ، التي توجب لصاحبها التصرف في العالم