الولاية التكوينية : إنه لا بدّ أولا من بيان معنى الولاية التكوينية وتعريفها ثم إثباتها بالآيات والأحاديث الصحيحة ، ثم الكلام في بعض ما تتعلق بها فنقول : قال بعض الأعاظم من أهل المعرفة [1] : ثم إنّ هذه الولاية التي عرفت لجميع أصناف المخلوقين من الجماد والنبات والحيوان والإنسان والملائكة إنما هي ولاية الولي المطلق ، التي كانت في رسول الله صلَّى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السّلام وخلفائهما الأحد عشر عليهم السّلام وهي كما قاله بعض المحققين : باطن النبوّة المطلقة ، التي هي اطلاع النبي المخصوص بها على استعداد جميع الموجودات بحسب ذواتها وماهياتها ، وإعطاء كلّ ذي حقّ حقّه الذي يطلبه بلسان استعداده من حيث الإنباء الذاتي والتعليم الحقيقي الأزلي . وصاحب هذا المقام هو الموسوم بالخليفة الأعظم ، وقطب الأقطاب ، والإنسان الكبير ، وآدم الحقيقي المعبّر عنه بالقلم الأعلى والعقل الأول والروح الأعظم ، وإليه الإشارة بقوله صلَّى الله عليه وآله : " أول ما خلق الله نوري ، وكنت نبيّا وآدم بين الماء والطين " وإليه استند كلّ العلوم والأعمال ، وإليه ينتهي جميع المراتب والمقامات نبيّا كان أو وليّا ، رسولا كان أو وصيا ، ومرجعه إلى فناء العبد في الحقّ وبقائه به ، وإليه الإشارة بقوله صلَّى الله عليه وآله : " أنا وعلي من نور واحد " . وقوله صلَّى الله عليه وآله : خلق الله روحي وروح علي بن أبي طالب قبل أن يخلق الخلق بألفي عام ، وبعث عليّا مع كلّ نبيّ سرّا ومعي جهرا ، يقول أمير المؤمنين عليه السّلام : " كنت وليّا وآدم بين الماء والطين " وقوله : " أنا وجه الله وأنا جنب الله وأنا يد الله ، وأنا القلم الأعلى ، وأنا اللوح المحفوظ " إلى آخر ما قاله في خطبة البيان . وهذا هو المراد بقول الصادق عليه السّلام : " الصورة الإنسانية هي أكبر حجج الله على خلقه ، وهو الكتاب الذي كتبه بيده ، وهو يجمع صور العالمين ، وهو النسخة
[1] هو المولى الحاج ميرزا جواد آقا التبريزي الملكي في كتاب أعمال السنة 258 . .