إنّ أكرمكم عند الله اتقاكم 49 : 13 [1] قل إن كنتم تحبّون الله فاتّبعوني يحببكم الله 3 : 31 [2] هذا وقد ثبت في محله أن محبته تعالى لعبده توجب كشف الحجب عن قلب العبد ، فإذا انكشفت الحجب ورأى جمال ربّه تعالى ، فلا محالة يحبّه ، ويكون مصداقا لقوله تعالى : والَّذين آمنوا أشدّ حبّا لله 2 : 165 [3] فتحصل أن التّقوى سبب لحبّ الله تعالى لعبده ، ومحبته تعالى له سبب لكشف الحجب ، وكشفها سبب لحبّ العبد لله تعالى ، وإذا اشتدّ الحبّ إلى النهاية - ولا نهاية له ، إذ لا نهاية لظهور جماله - فقد تحقّق الوصل والفناء المذكور ، رزقنا الله تعالى ذلك . فالمحبّة أي محبّة العبد له تعالى ، كأنّها بمنزلة المركب للوصول إليه تعالى ، والتقوى الموجب لها بنحو ما عرفت هو الزّاد كما لا يخفى . النبوة والرسالة والولاية : فصل : في معنى النّبوة والولاية والفرق بينهما . قال بعض الأعلام : إن الولاية الخاصّة بالمعنى المتقدم ، وبالمعنى الَّذي نوضحه قريبا دائرتها أتمّ وأكبر من دائرة النبوّة التشريعيّة ، ولذلك انختمت النّبوة ، والولاية دائمة ، وأيضا جعل الولي اسما من أسماء الله تعالى ، دون النّبي ، وسيجئ وجه ذلك . وأما بيان أن الولاية باقية دون النبوة والرّسالة التشريعيتين هو : أن الرسالة والنّبوة التشريعيتين لمّا كانتا من الصفات الكونيّة الزّمانيّة فلا محالة تنقطعان بانقطاع زمان النبوة والرّسالة ، وسيجئ في الفرق بين النّبوة التشريعية والتعريفيّة أن النبوة التشريعيّة التي هي النبوّة المنضمّ إليها التبليغ والتعليم ويسمّى بالرسالة