بهم لا غير . إذا علمت هذا فاعلم : أن الله تعالى قبل أن يخلق الخلق أجمع ، كان ولم يكن معه شيء ، ثم إنّ أول ما خلق هو نور محمد وآل محمد عليهم السّلام فهم أول المخلوقين وأقربهم إليه تعالى ، فلا محالة هم العارفون الكاملون بمعارفه تعالى ، فالمعارف والخلق يدور مدار وجودهم ، ففي الزيارة : " بكم فتح الله وبكم يختم " وسيأتي بيانه ، وفي الخبر : " أوّل ما خلق الله الحجّة وآخر من يموت الحجة " فالأمر بيدهم وهم العارفون بحقيقة الأمر ، وكيفية السير إليه تعالى ، فحينئذ لا يكون الطريق إلا بما بيّنوا ، فلا بدّ من الاقتصار والأخذ بما قالوا لا غير . وأما معنى السير الروحي معهم فحاصله : أنّ المعارف مما علمت أنها ترجع إلى أرواحهم المطهّرة ، فلا محالة هم الآيات الإلهية والأسماء الحسني ، ومظاهر صفات الجلال والجمال ، ومن المعلوم أنهم الوسائط التكوينية لتكميل البشر ، ومعنى ذلك أنهم بروحهم متصرفون في الأرواح ، فالفيض منه تعالى يشمل الأرواح الضعيفة بواسطتهم فلا بدّ من الاستمداد منهم في السير إلى المعارف بنحو دلّ عليه قوله عليه السّلام : " ومن قصده توجه بكم " . فالتوجه بهم سبب لقصده تعالى ، وهذا أمر دقيق لا يفهمه الذهن المشوب ، بل ربما يتوهم منه الشرك ولكنه عين الإيمان ، وسيأتي تفصيله في شرحه في الزيارة ، ولكن إجماله هو أنّ الروح قاصد إليه تعالى لا غير لكنه لضعفه يتوجه بهم ، أي ينظر إليه تعالى بالنظر إليهم ، فهم وجه الله كما في الخبر ، وهم عين صفاته الجلالية والجمالية . ومن المعلوم : أنّ النظر إلى الموصوف فإنما هو بالنظر عن طريق صفاته ، بل هم الطريق الواسع إليه تعالى كما يشير إليه قوله عليه السّلام في الدعاء : " وطريقا إليك مهيعا " أي اجعل النبي صلَّى الله عليه وآله لي طريقا مبسوطا إليك . فالمنظور هو الله تعالى وما به النظر هو أرواحهم الطاهرة ، وليس هذا غلوا في