وفي الكافي بإسناده ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : قال : إنّ الله عز وجل إذا أراد بعبد خيرا نكت في قلبه نكتة من نور ، وفتح مسامع قلبه ، ووكَّل به ملكا يسدده ، وإذا أراد بعبد سوءا نكت في قلبه نكتة سوداء ، وسدّ مسامع قلبه ، ووكَّل به شيطانا يضله ثم تلا هذه الآية : فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يُضلَّه يجعل صدره ضيّقا حرجا كأنّما يصّعّد في السماء 6 : 125 [1] . وفي الدعاء عن السجاد عليه السّلام : " سبحانك ما أضيق الطرق على من لم تكن دليله وما أوضح الحقّ عند من هديته سبيله " . ثم : لا تتوهم أنّه إذا كان لا يمكن العمل الصالح إلا لمن هداه الله فما فائدة الجد في تحصيل المعرفة بل هو أمر منه تعالى لا دخل للعمل فيه ، بل ورد أنّه لا صنع لأحد في معرفة الله ، وحينئذ فكيف التوفيق بينه وبين ما دلّ على الحث على الأعمال الصالحة وتأكيدها ، وتحصيل معارفه تعالى ، وذلك لأنّ الآيات الأخر فسّرت خبر سليمان المتقدم وما فيه من الآية كقوله تعالى : وما يُضل به إلا الفاسقين 2 : 26 [2] وقوله : والله لا يهدي القوم الظالمين 2 : 258 [3] أو والله لا يهدي القوم الفاسقين 5 : 108 [4] فدلَّت على أنّ الإضلال منه تعالى لا يكون إلا لمن كان فاسقا بسوء اختياره ، فالإضلال منه تعالى في رتبة متأخرة عن فسقه بسبب طغيانه عما هداه الله إليه . فعلم أنّه تعالى أولا قد هداه بإرسال الرسل وإنزال الكتب ، ثم هو صار فاسقا فأضلَّه الله ، وأما ما يأتي من إنه لا صنع لأحد في المعرفة فهو صحيح ، ولكنه لا ينافي ما قلنا ، ضرورة أن الكلام في أنّ الهداية إلى معارفه لا تكون إلا من الله ، وهي أمر يمنحه الله لمن عمل على طبق الشرع ، فهذا لا ينافي تأكيد العمل على طبق الوظائف ،