به عن المعارف ، وصار نقصان بيانهم سدّا لتعلَّم الناس بل العلماء المعارف الإلهية ، ولذا يلزم أن تكتب المعارف الإلهيّة مع مداركها لئلا يختلط بمخترعاتهم ( لعنهم الله ) ضرورة أنه قد أصبحنا عارين عن تلك المعارف ، وعمن هو مصداق لها ، هذا مع أنّ للصوفية ( لعنهم الله ) أعمالا شنيعة ظاهرة في الشناعة يعرفها كلّ أحد كما تقدم ، إلا أنّهم ( لعنهم الله ) قد خلطوا أعمالهم بالأعمال الصحيحة ، ليتسبّبوا بذلك إلى نيل مشتهياتهم ولا ينكر عليهم أحد ، وقد لفّقوا لذلك وجوها زعموا أنها المدرك لأفعالهم وإليه يشير ما تقدّم عن أبي محمد الحسن العسكري عليه السّلام عن حال أبي هاشم الكوفي من قوله : " وهو الذي ابتدع مذهبا يقال له التصوف وجعله مفرّا لعقيدته الخبيثة " وفي رواية أخرى : " وجعله مفرّا لنفسه الخبيثة وأكثر الملاحدة وجنّة لعقائدهم الباطلة " ضرورة أنّه يستفاد أنّه ( لعنه الله ) قد جعل لنفسه مذهبا قد خلط فيه الحقّ والباطل ، فلو لا فيه من الحقّ أيضا لما أمكن به أن يجعله مفرّا لنفسه ولعقيدته الخبيثة ، فإنّ دأب المنافقين اختلاط الحقّ بالباطل ، فيذكرون الحقّ ويريدون به الوصول إلى باطلهم ، وإنّما يأخذون بالحقّ ، ليتمكَّنوا به ردّ مخالفيهم بإظهار الحقّ ، ولأن يغترّ به العوام ، هذا وقد اشتهر في المثل قولهم : " كلمة حق يراد بها الباطل " . ويستفاد من هذا الحديث أمران : الأول : أنّ في الصوفية أيضا من الأعمال الحسنة إلا أنهم يأتون بها بداعي الوصول إلى مرامهم كما علمت ، فيعلم منه أنه لا ينبغي للإنسان الكامل أن يغترّ بهم لمكان تلك الأفعال الحسنة ، بل لا بد من الدقة في تطبيق جميع عقائدهم وأعمالهم مع الحقّ . والثاني : مشاركة أعمال بعضهم كالأعمال الحسنة منهم مع أعمال المؤمن الكامل ، فكما أنّه لا ينبغي الاغترار ببعض الأعمال الحسنة منهم بحيث يكون هذا سببا لحسن الظنّ بهم ، وإلحاقهم بالكاملين أو بالمحبين لله تعالى ، فكذلك لا ينبغي أن يساء الظن بالمؤمن الكامل البالغ مراتب الإيمان ، الذي يصدر منه بعض الأعمال