responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأنوار الساطعة في شرح زيارة الجامعة نویسنده : الشيخ جواد بن عباس الكربلائي    جلد : 1  صفحه : 284


سيرهم ، ضرورة أنّ مزال الأقدام للأرواح في مراتب السير كثيرة جدّا ، فكما أنه في ابتداء الأمر لا بدّ من متابعة الشرع ، والسير في الطرق المأثورة عنهم وإلا فهو منحرف عن الحقّ ، فكذلك في أثناء السير ، وإن بلغ مقاما عاليا فإنه كلما هذّب نفسه دقّ أمره وكثر خطره فإصابة الحقّ هناك لمكان دقّته أصعب .
ولذا ورد أنّ الصراط أدقّ من الشعر ، وذلك لدقته وخفائه . وورد في الدعاء : " اللَّهمّ اهدني لما اختلف فيه من الحقّ بإذنك " ضرورة أنّ الحقّ لدقته يختلف فيه ، فكلّ يدّعيه لنفسه .
والحاصل : أنّ هؤلاء الصوفية لا تظن أنّهم كانوا من أول الأمر من الصوفية بل كثير منهم كانوا متشرّعين جدّا ، بل بعد أن انحرفوا أيضا لهم من الأعمال الصالحة ، إلا أنهم في أواخر سيرهم وفي أثنائه انحرفوا ، فإن الروح ما لم يتخلص من النفس فهو في خطر الانحراف بل وكذا بعده ، وسيجئ أنّ السائر ربما يسير في مراتب الإيمان مع تمكَّن بعض صفات النفس فيه ، بحيث لم يكن له مجال للتأثير ، فإذا أصابه أي أصاب مجالا لتأثير ما كمن في نفسه من بعض صفاتها المذمومة منه أثّر أثره ، وإن كان بالغا صاحبه في كثير من المراتب فحينئذ ينحرف من هناك .
فالسائر في النفس ابتداء أو أثناء لا محالة يكون منحرفا ، وهذا هو السبب لاغترار بعضهم بأكابر المتصوّفة ، فإنّهم يرونهم عاملين بالشرع ، متخلَّقين بكثير من الأخلاق الحميدة ، بل ربما صدر منهم بعض خوارق العادات ، فكيف حينئذ يظن بهم الانحراف من لم يهذّب نفسه ولم يصب الحقّ ؟ فيغترّ به فيقع في الهلاكة من حيث لا يشعر ، هذا ولكن الشرع الأنور قد جعل لكلّ أحد في أيّ مرتبة كان وظيفة وعلامة بها يميّز الحقّ من الباطل .
وأكثر المتابعين لهم الجهلة من العوام يجلسون مجالسهم فيلتذّون بأقوالهم وأفعالهم فيحسبونه حبّا لله تعالى مع أنّه لذّة نفسيّة ، ضرورة أنّ للنفس كما علمت لذة مغايرة للذة الروح من الإيمان تغاير لذة الإنسان من تقبيله امرأته للشهوة مع

284

نام کتاب : الأنوار الساطعة في شرح زيارة الجامعة نویسنده : الشيخ جواد بن عباس الكربلائي    جلد : 1  صفحه : 284
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست