عن أي دين ترى روحه مظلمة مكدّرة . وفي مصباح الشريعة قال الصادق عليه السّلام : " ولا حجاب أظلم وأوحش بين العبد وبين الله تعالى من النفس والهوى " الحديث . والنفس وما لها من الصفات الرذيلة هي الحجب على صفاء الروح ، فمعها لا يتمكن من مشاهدة أنوار الجلال والجمال له تعالى ، إلا أنه يجد في نفسه أن له طريقا إلى السعادة التي يتصوّرها إجمالا في نفسه ، وله أيضا طريق إلى الشقاوة كذلك ، وذلك لما يرى في نفسه من قوّة العقل والجهل في الجملة ، فحينئذ إذا صار متابعا لقوى عقله ، الذي هو الحجة الباطنية من الله تعالى عليه ، فلا محالة يسلك مسلك السعداء ، وإذا صار متابعا لقوى جهله فلا محالة يسلك مسلك الأشقياء . ولعلّ قوله تعالى : وهديناه النجدين 90 : 10 [1] أي نجد الخير ونجد الشر كما في الحديث ، يشير إلى ما ذكرناه ، ولهذا مزيد توضيح يأتي في محلَّه . ثمّ إن المتابع لنفسه ولقوى جهله أيضا يلتذ بها لا محالة ، وكذا ساير القوى إلا أنّ الالتذاذ به سنخ خاصّ لا يتعدّى مورده عن الماديات ، ثم إنه لما كانت جميع الصفات النفسية للجهل شعبا من الشيطان فحينئذ كلّ من ترسّخ في أحدها فلا محالة يصل بروحه إلى روح الشيطان ، وعندها يصير مظهرا لآثار الشيطان ، فترى جميع ما للشيطان من القدرة والصفاء والتصرف يظهر من هذا الكامل في صفات الجهل . فحينئذ يغترّ بنفسه وينكر جميع ما سوى محسوساته ، فإنّ سنخ روحه سنخ لا يجتمع مع نور العقل ، فإنّ بينهما تطاردا وتمانعا ضرورة أنّ العقل بما له من المراتب هو روح الإيمان والنور ، والجهل هو روح الكفر والظلمة وجنوده شعبه ، وقد ورد في الخبر : " إنّ الله تعالى خلق الإيمان " واشترط عليه أن يبغض الكفر ، وخلق الكفر