التقوى واليقين ، ولا يكاد يضرّ هذا الخلط بين الحقّ والباطل إلا بالذين يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون ، فيتجلَّى الباطل عندهم بصورة الحقّ تارة ، والحقّ بصورة الباطل أخرى ، فهم في ريبهم يترددون ، وليس إلا لتركهم ما أمروا أن يأخذوا به من متابعة العترة وكلماتهم ، ورسوخهم فيما لم يكلَّفوا به من ركونهم إلى اصطلاحاتهم النفسانية ، ولذا قد تخلَّوا عن المعارف عملا بل وعلما . فلذا أصبحنا ولا نرى من تخلَّق بأخلاق الله تعالى ، ونال من المعارف الإلهية واقتدى بسنة نبيّه والأئمة الطاهرين عليهم السّلام ليكون لنا سلوا في مصيبات الدهر وهزاهز الزمان ، ومرجعا لنيل تلك المعارف ، فالمشتكى إليه تعالى ، وها نحن في زمان لا يزداد الحقّ فيه إلا إدبارا ، والباطل فيه إلا إقبالا . إذن علمت من مطاوي ما ذكرنا أنّ المعارف الإلهية قد اشتبه بعضها مع بعض المخترعات من الصوفية ( لعنهم الله ) فلا بدّ أولا من ذكرهم وذكر معتقداتهم إجمالا بنحو يمتاز الحقّ عن باطلهم ، فنذكر أولا الأخبار الواردة في هذا الموضوع ، ثم نردفه بما يحتاج إلى الكلام ، لتمييز الحقّ عن باطلهم ، فنقول وعلى الله التوكل : في سفينة البحار ، عن البزنطي وإسماعيل بن بزيع ، عن الرضا عليه السّلام قال : " من ذكر عنده الصوفية ولم ينكرهم بلسانه وقلبه فليس منّا ، ومن أنكرهم فكأنّما جاهد الكفار بين يدي رسول الله صلَّى الله عليه وآله " . وفيه عن البزنطي أنّه قال : قال رجل من أصحابنا للصادق جعفر بن محمد عليه السّلام : قد ظهر في هذا الزمان قوم يقال لهم الصوفية فما تقول فيهم ؟ قال : " إنّهم أعداؤنا ، فمن مال إليهم فهو منهم ويحشر معهم ، وسيكون أقوام يدّعون حبّنا ، ويميلون إليهم ، ويتشبهون بهم ، ويلقّبون أنفسهم بلقبهم ، ويؤولون أقوالهم ، ألا فمن مال إليهم فليس منّا وإنا منه براء ، ومن أنكرهم وردّ عليهم كان كمن جاهد الكفار بين يدي رسول الله صلَّى الله عليه وآله " .