توجّه بهم ، أو أنّ معرفته تعالى منحصرة في بيانهم ، وهو لا يكون إلا بعد معرفتهم ، لعدم معرفة غيرهم معرفة الله ولبيانها ، فصحّ التعبير عن معرفته تعالى بقوله عليه السّلام : " معرفة أهل كل زمان إمامهم " . ويمكن أن يكون الوجه في ذلك أن المخاطب لم يكن أهلا لتفهّم معنى معرفة الله تعالى ، ففسّرها عليه السّلام باللازم لها من معرفة الإمام عليه السّلام وسيجئ له مزيد توضيح في محلَّه إن شاء الله تعالى . ولا ريب أنّ لتلك المعارف طريقا يوصل السالك فيه إليها ، وهو ما بيّنه الكتاب الكريم وفسّرته العترة الطاهرة لا غير ، ثم إنّ ما بيّنه الشرع المبين يرجع إلى قسمين : الأول : بيان الأحكام بما لها من الأقسام الخمسة ، ومن الأمور الأخلاقيّة وغيرها . والثاني : بيان ما به كيفية العمل الموصل إلى تلك المعارف . أما الأول : فالمتكفّل لبيانه هو الكتب الفقهية والأخلاقية . وأما نفس تلك المعارف فقد علمت أنّ لها وجودا واقعيّا قد حكى عنه لسان الشرع من الكتاب والسنة ، كما صرّح به قوله تعالى في سورة الأعراف : ولكلّ نبإ مستقرّ وسوف تعلمون 6 : 67 أي أن لكلّ نبإ أخبر به الله أو الرسول مستقرّ في نفس الأمر ، ومن المعلوم أنه لا طريق إليه إلا بالعمل على وفق ما بيّنه الكتاب ، فالعمل هو الواسطة بين التعلم والوصول إليه ، ويتوقف العمل على العلم بالأحكام المتوقف عليها العمل . وهذا العلم هو المقصود من تعبيرهم عن العلم المقصود لغيره بعلم الظاهر والشريعة ، وعن المقصود لذاته بعلم الباطن والحقيقة ، وعن المجموع بعلم الحكمة ، قال الله تعالى : ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا 2 : 269 [1] ومن تقسيمهم العلم إلى : علم الشريعة وعلم الطريقة وعلم الحقيقة ، ضرورة أنّ المراد من علم الظاهر