بالعمل إلى أن يتبيّن له الأمر ، ويقرّ على الأمر بما هو عليه إجمالا ، ولا يقول بالتفصيل إلا إذا كان له دليل محكم . وأما وظيفة الكامل أي الثاني : فعليه أولا بكتمان ما علَّمه الله من الأسرار ، ضرورة أنّ العبد إذا أفشى السرّ وقع في الخطر مضافا إلى تضييعه العلم . ففي الكافي بإسناده عن أبي عبيدة الحذّاء قال : " سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول : والله إنّ أحبّ أصحابي إليّ أورعهم وأفقههم وأكتمهم لحديثنا . وإنّ أسوأهم عندي حالا ، وأمقتهم للذي إذا سمع الحديث ينسب إلينا ويروى عنا فلم يقبله واشمأزّ منه ، وجحده وكفّر من دان به ، وهو لا يدري لعلّ الحديث من عندنا خرج ، وإلينا أسند ، فيكون بذلك خارجا من ولايتنا " . وفيه بإسناده عن معلى بن خنيس قال : قال أبو عبد الله عليه السّلام : " يا معلى أكتم أمرنا ولا تذعه " إلى أن قال : " يا معلى من أذاع أمرنا ولم يكتمه أذلَّه الله به في الدنيا " . الحديث . فدلّ هذا الحديث وما قبله على أنّ الإفشاء لغير الأهل موجب للخروج من الولاية ، وللذلة في الدنيا ، ويستفاد من قوله : " وكفّر من دان به " في حديث أبي عبيدة ما قلنا في الأمر الأول من عدم جواز الإنكار لما لا يعلم . والحاصل : " أنه لا بدّ من الكتمان إلا عن أهله ، ولعلَّه الوجه في سكوت الأئمة عليهم السّلام عن التصريح بالمعارف ، لعدم قابلية العامة لفهمها ، بل أمروا بالرفق مع الناقص . ففي الكافي عن عبد العزيز القراطيسي قال : قال لي أبو عبد الله عليه السّلام : " يا عبد العزيز إنّ الإيمان عشر درجات " إلى أن قال عليه السّلام : " فلا تسقط من هو دونك فيسقطك من هو فوقك ، وإذا رأيت من هو أسفل منك بدرجة فارفعه إليك برفق ، ولا تحملن عليه ما لا يطيق فتكسره ، فإن من كسر مؤمنا فعليه جبره " فيعلم منه أنّ بيان دقائق العلوم للناقص ربما أوجب كسره وخروجه من الدين ، إمّا لما تقدم