وسلك سبيلا جددا ، قد خلع سرابيل الشهوات ، وتخلَّى من الهموم ، إلا همّا واحدا انفرد به ، فخرج من صفة العمى ، ومشاركة أهل الهوى ، وصار من مفاتيح أبواب الهدى ، ومغاليق أبواب الردى ، قد أبصر طريقه ، وسلك سبيله ، وعرف مناره ، وقطع غماره ، واستمسك من العرى بأوثقها ، ومن الحبال بأمتنها ، فهو من اليقين على مثل ضوء الشمس ، قد نصب نفسه لله سبحانه في أرفع الأمور ، من إصدار كلّ وارد عليه وتصيير كلّ فرع إلى أصله . . . " [1] . وما فيه أيضا : " قد أحيا عقله ، وأمات نفسه ، حتّى دقّ جليله ، ولطف غليظه ، وبرق له لامع كثير البرق ، فأبان له الطريق ، وسلك به السبيل ، وتدافعته الأبواب إلى باب السلامة ، ودار الإقامة ، وثبتت رجلاه بطمأنينة بدنه في قرار الأمن والراحة ، بما استعمل قلبه ، وأرضى ربّه " [2] . وما فيه أيضا ، أما بعد : " فإنّ الله سبحانه وتعالى جعل الذكر جلاء للقلوب ، تسمع به بعد الوقرة ، وتبصر به بعد العشوة ، وتنقاد به بعد المعاندة ، وما برح لله - عزّت آلاؤه - في البرهة بعد البرهة ، وفي أزمان الفترات ، عباد ناجاهم في فكرهم وكلَّمهم في ذات عقولهم ، فاستصبحوا بنور يقظة في الأبصار والأسماع والأفئدة . . . " [3] . وما فيه أيضا : " هجم بهم العلم على حقيقة البصيرة ، وباشروا روح اليقين ، واستلانوا ما استوعره المترفون ، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون ، وصحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحلّ الأعلى " . فمن كان من اليقين على مثل ضوء الشمس لما ارتوى من عذب فرات علم آل