المؤمنين إلا ويقال هو منهم حتى يتجاوز الجميع . ثم إنه سيجيء أنّ المعارف كلَّها من القرآن ومن شؤونه ، وأنّ القرآن هو ما في صدور محمد وآل محمد صلَّى الله عليه وآله لقوله تعالى : بل هو آيات بيّنات في صدور الذين أوتوا العلم 29 : 49 كما صرّحت به الأخبار ، فيعلم أنّ المعارف الحقيقية له تعالى هي نفس أرواحهم المقدّسة ، فالمعرفة بها هي المعرفة بمعارفه تعالى التي يستتبع معرفة الله ، ولهذا صحّ التفسير لمعرفته تعالى بمعرفة أهل كلّ زمان إمامهم ، كما عن الحسين عليه السّلام كما سيأتي ، وسيأتي أيضا أن السير إليه تعالى وتحصيل معرفته حقّا لا يكون إلا بعد واجديّة السالك لمعرفتهم عليهم السّلام نعم في جميع مراتب المعرفة بهم لا يخلو عن معرفة الله تعالى ، وسيجئ لهذا مزيد توضيح فيما بعد . فتبين مما تقدم أنّ للدين معارف حقيقية قد حكي عنها لسان القرآن والأخبار في الشرع الأنور ، وعلمت أنّه لا يمكن إيرادها حقيقة لقصور فهم الناس عن دركها فهم عليهم السّلام بيّنوا بما يمكن فهمه لهم مع كمال حفظ الربط والسنخيّة بين المذكور وبين ما هو في الواقع ونفس الأمر ، فمن هذا البيان ظهر ما تشير إليه الأحاديث السابقة من أنّها صعب مستصعب بأقسامها ، وسيجئ قريبا لهذا مزيد توضيح . الأمر الرابع : المستفاد من تلك الأخبار المتقدمة وأخبار أخر أنّ الناس على أقسام في فهم المعارف الإلهية وعدمه ، فنقول : سيأتي ذكر أخبار كثيرة دلَّت على أنّ الروح الإنساني كان قبل جعله في الأبدان في عالم الذر عارفا بربّه ، ثم لمّا جيء به إلى عالم الدنيا لمصلحة فقد انحرف عن الله تعالى ، وصار محجوبا بصفات النفس كما تقدم ، فصار في ظلمة وكدورة ومزاحمة . ومن المعلوم أنّ الغرض الأصيل من الشرع هو سوق الروح بمعونة المادة والعبادة والعلم والصفات الحميدة إلى عالم المعرفة به تعالى كما تقدّم ، وهذا هو المقصود من قوله عليه السّلام في إذن الدخول لمسجد السّهلة : " اللهم إنّي أسألك أن تقبل بوجهي إليك وتقبل بوجهك إليّ " ولا يكاد يصحّ هذا السؤال إلا إذا كان الإنسان