في عالم التكليف إنما هي صورة اعتبارية تحكي عن حقيقتها الواقعية بلسان اعتبارها الشرعي ، بل هي صورة نازلة منها قد تجلَّت في الخارج بهذه الصورة ، والسنخيّة بين صورتها الخارجية والواقعية محفوظة بنظر الشرع ، بل لهما جامع مؤثر في الروح . ولذا فسّر بعضهم قوله تعالى : كلَّما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل 2 : 25 [1] أي كلَّما رزقوا من المعارف الإلهية والتذّوا بها بما لها من الوجود الواقعي النفس الأمري الذي يتجلَّى بحقيقته لهم في الجنة قالوا : هذا الذي رزقنا به من قبل ، أي قد علمنا لذّة هذه المعارف من قبل وفي الدنيا بسبب إتيانهم بالصلاة الشرعية حقيقة بما لها من شرائط الإجزاء والقبول ، ضرورة أنّ أولياء الله يصلون إلى درك تلك الحقائق في الدنيا قبل الآخرة ، ولعلَّه سيأتي توضيحه فيما بعد إن شاء الله تعالى . نعم : كما أنّ حقيقة تلك المعارف بما هي هي ، كما أنها لا يمكن أن تنسبك تحت العبارة لقصور اللفظ عن قابليته لذلك ، ولقصور أفهام الناس غير الكاملين ، ولصغر عالم الدنيا بما هي هي عن أن تتجلَّى فيها تلك المعارف ، كذلك لا يكاد يدركها بما هي هي في الدنيا إلا من أخرج روحه من الدنيا إلى الملإ الأعلى ، فكان كما قال أمير المؤمنين عليه السّلام في حقّهم : " وصحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحلّ الأعلى " فأولئك من الذين أنعم الله عليهم ، فهم يشاهدون تلك الحقائق بعين القلب لا البصر . وإلى ما ذكرنا من أنّ المعارف حقائق نفس الأمرية مضافا إلى ما سبق يدلّ أخبار كثيرة وردت في تجسّم الأعمال يوم القيامة مخصوصا الأخبار الواردة في أنّ للقرآن صورة حسنة لا مثلها في الحسن ، يجيء يوم القيامة ولا يمرّ بأحد من