إن الولاية قد تنقسم إلى المطلقة والمقيّدة ، لأنها من حيث هي هي صفة إلهيّة مطلقة ثابتة للذات الربوبيّة المقدّسة ، بمقتضى ذاته المقدّسة ، كما علمت مما سبق ، ولكنّها من حيث استنادها إلى الأنبياء والأولياء ، كل على حسب قربهم منه تعالى ، تكون مقيّدة ، ومعلوم أن المقيد متقوم بالمطلق ، والمطلق ظاهر في المقيّد . فالولاية الثابتة للأنبياء والأولياء جزئيّات الولاية المطلقة الإلهيّة ، فالأنبياء والأولياء ( أي الأئمة عليهم السّلام ) لهم القرب إلى الأشياء بالولاية الإلهية ، حيث إن ولايتهم مظاهر الولاية الإلهيّة ، وجزئيات للولاية الإلهيّة ، فلها من الآثار من السلطنة والتولية ما للولاية الإلهيّة منها كما لا يخفى ، وإليه يشير ما في بصائر الدرجات ، من قوله عليه السّلام " ولايتنا ولاية الله تعالى " وهذا نظير ما قيل من أنّ نبوة الأنبياء جزئيات النبوة المطلقة المحمدية صلَّى الله عليه وآله وسلَّم كما سيأتي بيانه . فصل : في تقسيم آخر لها ، بالنسبة إلى ولاية الأنبياء والأولياء : وهي تنقسم إلى العامة والخاصة . أما الولاية الأولى : فهي التي تعمّ المؤمنين بأصنافهم ، وتشمل كلّ من آمن با لله تعالى وعمل صالحا بمراتبهم ، كما قال الله تعالى : الله وليّ الَّذين آمنوا يخرجهم من الظَّلمات إلى النّور 2 : 257 [1] فإنّ الإيمان له مراتب ودرجات : منها : اعتقاد جازم ثابت مطابق للواقع من دون برهان كاعتقاد المقلَّد المصيب ، فإنه ليس مستندا ومأخوذا من البرهان ، وإنّما استناده إلى مخبر صادق ، وقد حصل له القطع بصدقه . ومنها : أن يتصوّر الأمر أمر التوحيد والدين على ما هو عليه ، ولكنّه مستند إلى البرهان المفيد للقطع وهذا أقوى وأرفع من الأول ، كإيمان أصحاب الفكر وأهل النظر ، وكلاهما مرتبة علم اليقين .