بل تحقق الولاية لأحد يتوقف على تحقق قربه ، أي قرب العبد منه تعالى ، بما له من المعنى من الإيمان ، إلى أن ينتهي إلى رفع الحجب بين العبد والرب تعالى وسيأتي بيانه . أما الولاية الثانية أعني قرب العبد إلى الرّب . فقد علمت أنّ الولاية كالوجود ، لها درجات ، فكما أن الوجود على القول بكونه مشككا إذا تنزّل فربما يبلغ في النزول إلى مرتبة تنتفي أوصافه ، وتختفي آثاره وأحكامه ، حتّى يسلب اسمه . ويزول عنه رسمه ، بحيث يكون إطلاقه على مثل المتصرمات كالأصوات والحركات ، والقوة المحضة الهيولانيّة بضرب من المسامحة والعناية . فكذلك الولاية إذا نزلت وانتهت في النزول يزول حكمها ، ويسلب عنها اسمها . فلا يقال للغواسق والظلمانيّات كالأحجار والأمدار والفسقة والفجّار أولياء الله ، فإن هؤلاء قد نزلوا إلى مرتبة من البعد المعنوي عنه تعالى ، بحيث انقهر نور الوجود وأوصافه ، وغلبته ظلمة العدم وأحكامه ، فإذا أريد أن يصير بعضها الممكن القابل للقرب إليه تعالى قربا معنويا منه تعالى ، فلا بدّ له من أن يخرج وجوده الضعيف عن ذلك المسكن المبعد عنه تعالى ، بأن يتنوّر بنور الإيمان ، ليظهر أحكام الوجود عليه ، ويغلب أوصافه ، ويصير مظهرا لصفات الجمال واللطف ، وحينئذ يتصف بالولاية ، لتحقق ملاكها وهو القرب المعنوي إليه تعالى . نعم ، وحينئذ يكون اتصافه بالولاية على تفاوت درجاتها واختلاف مراتبها ، التي سنشير إليها قريبا إن شاء الله . أقسام الولاية : ظهر أن الولاية الثابتة للعبد التي هي بمعنى القرب تتحقق بالقرب الإيماني والمعنوي بالنسبة إليه تعالى ، وهي على أقسام : فصل : في بيان أقسام الولاية ، وبيان ملاك اختلاف مراتبها :