الأمن وهم مهتدون 6 : 82 [1] وبقوله : الذين قالوا آمنّا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم 5 : 41 [2] وللإيمان حالات ومنازل يطول شرحها . ومن ذلك أنّ الإيمان قد يكون على وجهين : إيمان بالقلب ، وإيمان باللسان ، كما كان إيمان المنافقين على عهد رسول الله صلَّى الله عليه وآله لمّا قهرهم السيف وشملهم الخوف فإنهم آمنوا بألسنتهم ولم تؤمن قلوبهم . فالإيمان بالقلب هو التسليم للربّ ، ومن سلَّم الأمور لمالكها لم يستكبر عن أمره كما استكبر إبليس عن السجود لآدم ، واستكبر أكثر الأمم عن طاعة أنبيائهم ، فلم ينفعهم التوحيد كما لم ينفع إبليس ذلك السجود الطويل ، فإنه سجد سجدة واحدة أربعة آلاف عام لم يرد بها غير زخرف الدنيا ، والتمكين من النظرة ، فلذلك لا تنفع الصلاة والصدقة إلا مع الاهتداء إلى سبيل النجاة وطريق الحقّ . وفيه [3] عن ثواب الأعمال بإسناده عن أبي عبد الله عليه السّلام : عبد الله حبر من أحبار بني إسرائيل حتى صار مثل الخلا ، فأوحى الله عزّ وجل إلى نبي زمانه قل له : وعزّتي وجلالي وجبروتي لو أنك عبدتني حتى تذوب كما تذوب الألية في القدر ، ما قبلت منك حتى تأتيني من الباب الذي أمرتك . أقول : حاصل هذين الخبرين الأخيرين أن الإقرار بالتوحيد ، وعبادة الله تعالى ما لم يكن عن هداية إلهيّة ، ومن الباب المأمور به لا تغني شيئا ، والهداية عبارة عن التسليم له تعالى ، وهو يلازم المشي في طريق الحقّ ، الذي بيّنه الله تعالى لعباده في كلّ زمان بلسان نبيّه وأوصياء نبيّه ، فهذا المشي في هذا الطريق المبين بلسان المعصوم ، هو الإيمان القلبي . وأما السابق أي الإيمان غير القلبي ، أي صرف الإقرار بالتوحيد ، وإتيان