يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلَّموا تسليما 4 : 65 على لسانك يا رسول الله يعني به عن ولاية علي ويسلَّموا تسليما لعلي [1] .
أقول : حاصل معنى الحديث الشريف أنّ رسول الله صلَّى الله عليه وآله لما أخبر بولاية علي عليه السّلام تعاقد الرجلان وغيرهما من أتباعهما لئن أمات الله محمدا صلَّى الله عليه وآله أن تردوا هذا الأمر من بني هاشم ، فقال الشكاك والمنافقون والذين في قلوبهم مرض وزيغ : نبرأ إلى الله من مقالة ليس بحتم ، ولا نرضى أن يكون علي وزيره ، هذه منه عصبية كما صرّح بذلك في الحديث المروي عن ابن عباس ، فعلم الله تعالى ذلك من قلوبهم ، فأنزل عليه صلَّى الله عليه وآله : أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم 4 : 63 ، الآية أي علم الله تعالى منهم التكذيب لأمر الولاية لعلي عليه السّلام .
ثمّ إنه تعالى بيّن أنه ما أرسل الرسول إلا ليطيعه الناس بإذن الله ، تعريضا عليهم بأنهم لما ذا لا يطيعون الرسول في هذا الأمر مع أنه الواجب عليهم ، ثم إنهم قد ظلموا أنفسهم بردّ مقالة النبي صلَّى الله عليه وآله في أمر الولاية لعلي عليه السّلام فقال تعالى بيانا لأنهم ظلموا أنفسهم : ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم بردّ مقالة النبي صلَّى الله عليه وآله في علي عليه السّلام ، جاؤوك يعني جاؤوا إلى النبي صلَّى الله عليه وآله وإلى علي عليه السّلام .
أما إلى النبي صلَّى الله عليه وآله فظاهر وأما إلى علي فلأنهم ردّوا حق علي عليه السّلام الذي جعله الله تعالى له من أمر الولاية فلا بد من الاسترضاء منه عليه السّلام ولذا أقسم أبو عبد الله عليه السّلام فقال : يعني والله النبي صلَّى الله عليه وآله وعليّا عليه السّلام .
والحاصل : أنهم لو جاؤوا إلى علي عليه السّلام وقد استغفروا الله تعالى مما صنعوا من المقالة الملعونة واستغفر لهم الرسول 4 : 64 ، الآية " أي يغفر الله لهم " ولكنهم ما فعلوا ذلك بل أصرّوا على نفاقهم فأخبر الله تعالى بقوله : " فلا وربك " 4 : 65 الآية أي لا يكون إيمان حتى يحكَّموك فيما شجر بينهم من أمر الولاية لعلي عليه السّلام كما يومئ إليه قوله عليه السّلام : هو

[1] تفسير البرهان ج 1 ص 389 . .

208