وسلَّم جبرئيل على علي بإمرة المؤمنين فقال علي عليه السّلام : يا رسول الله أسمع الكلام ولا أحسّ الرؤية فقال : يا علي هذا جبرئيل أتاني من قبل ربّي بتصديق ما وعدتم . ثم أمر رسول الله صلَّى الله عليه وآله رجلا فرجلا من أصحابه حتى سلَّموا عليه بإمرة المؤمنين ، ثم قال : يا بلال ناد في الناس أن لا يبقى غدا أحد إلا عليل إلا خرج إلى غدير خم ، فلما كان من الغد خرج رسول الله صلَّى الله عليه وآله بجماعة أصحابه ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : يا أيّها الناس إنّ الله تبارك وتعالى أرسلني إليكم برسالة وإني ضقت به ذرعا مخافة أن يتّهموني ويكذّبوني حتى أنزل الله عليّ وعيدا بعد وعيد ، فكان تكذيبكم إياي أيسر عليّ من عقوبة الله إياي [1] الحديث . أقول : انظر إلى قوله صلَّى الله عليه وآله : " أوعدني إن لم أبلغ أن يعذبني " وقوله صلَّى الله عليه وآله : " ولو لم أبلغ ما أمرت به من ولايتك لحبط عملي " وقوله صلَّى الله عليه وآله : " تهديد وبعد وبعيد لأمضين أمر الله فإن يتّهموني ويكذّبوني فهو أهون عليّ من أن يعاقبني العقوبة الموجعة في الدنيا والآخرة " فترى فيه أنّ أمر الولاية كان بمثابة من الأهمية بحيث لو لم يبلَّغه رسول الله صلَّى الله عليه وآله مع أنه أشرف المخلوقين في عالم الوجود كما لا يخفى على أحد يعذّبه الله تعالى ويعاقبه في الدنيا والآخرة ، فهذا هو المستفاد من قوله تعالى : وإن لم تفعل فما بلَّغت رسالته 5 : 67 أي إن لم تبلَّغ الولاية فما بلَّغت أمر الرسالة والدين من التوحيد والعبادات والمعارف كلَّها ، لأنّ جميع ذلك مرتبط بالولاية ثبوتا وإثباتا كما سيجيء بيانه إن شاء الله تعالى . ومنها : قوله تعالى : إنّما وليّكم الله ورسوله والَّذين آمنوا الَّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون 5 : 55 [2] . ففي ذلك التفسير عن أصول الكافي بإسناده عن أحمد بن عيسى قال حدثني
[1] نور الثقلين ج 1 ص 542 . . [2] المائدة : 55 . .