الشرح ، إن شاء الله . هذا وإن الإنسان بحسب نوعه المردود إلى أسفل سافلين إذا لم تتجرّد ذاته عن جميع الأغشية واللبوسات ، ولم يؤد الأمانات المأخوذة منها عند نزوله في كلّ مقام ضرورة أنّه عند نزوله من مقام أحسن تقويم إلى أسفل سافلين ، قد ورد في كلّ مرتبة وعالم على حقائق ذلك العالم ، وأخذ منه حظَّا وافرا ، وأعطى له بنحو الأمانة ، وأخذ منه العهد والميثاق بردّها إلى مالكها بعد الاستيفاء منها ، فلو لم يردّ الأمانات المأخوذة عند وروده على كلّ مرتبة من عالم الغيب إلى عالم الشهادة ، بأن يترك التعشق إليها ويعرض عنها ، فلو لم يردّ تلك الأمانات هكذا ، ولم ينزّه حقيقته عن وجوه الإمكانات وتخليه عن تلك الأمانات ونقائصها ، فلا محالة لا يطَّلع على الجهة المقدسة ، ولم يظهر له الوجوب الذاتي ، ولوامع الغيب وأسرار الوحدة . وبعبارة أخرى في بيان ردّ الأمانات : كما أنّ الإنسان من لدن أوّل نقصه وكمونه إلى آخر كماله وظهوره ما لم يمت عن مرتبة أدنى ، لم تحصل له درجة أخرى فوقها ، وكذا ما لم يخلع عنه صورة النقص لم يتلبّس بصورة الكمال الإضافي ، وكان كلّ فساد منه يلزمه كون لأجله . أي أنّ تقيّده بكلّ كون من صورة ، يلزمه فساد هذا الكون . فإنه إن كان بالنسبة إلى قبله فيه كمال مّا ، إلا أنّه بالنسبة إلى بعده فيه فساد ، فكماله إضافيّ ، كما لا يخفى . والحاصل أنه كما أنّ كلّ موت تحقق له ، فلا محالة يخرج به عن نشأة سابقة ، وتتهيّأ منه أي من موته هذا الحياة الجديدة ، يدخل بها في نشأة أعلى منها إلى أن يبلغ إلى هذه المرتبة الكمالية . فإذا ما لم يحصل له قطع التعلق عن الصور الإمكانية ، وترك الالتفات إلى القيود النقصانيّة ، لم يتصوّر له الوصول إلى درجة المقربين ، والانخراط في سلك المهيّمين وفي زمرة عباد الرحمن الَّذين ليس للشيطان عليهم سلطان ، كما قال تعالى : إنّ عبادي ليس لك عليهم سلطان 15 : 42 [1] .