وبعبارة أخرى : إنّه تعالى وإن كان لا يظهر إلا في أسمائه الجمالية والجلالية ، وفي آياته الأنفسيّة والآفاقية إلا أنهم يشاهدونه تعالى في تلك الآيات من دون التفات إلى غيره ، ولو بالنسبة إلى تلك الآيات . ولهذا الأمر شواهد وأدلَّة من الآيات والأحاديث قد تقدم بعضها ، فراجعه . جعلنا الله تعالى منهم . الطبقة الثانية : أفاضل الحكماء ، وهم الذين يدركونه على الوجه العقلي الصرف ، إلا أنّهم في تعقّلاتهم لأحوال المبدإ والمعاد والمعارف الإلهيّة تمثّل أوهامهم وخيالاتهم صورا تناسب تلك العقليات على ألطف وجه وأشرفه ، ولكنهم مع ذلك يعلمون أنّهما أي المبدإ والمعاد فوق تلك الصور الوهميّة والخيالية ، وليس لهم العروج إلى التعلق بالذات ومعدن العظمة ، لعدم إمكانهم من خروجهم عن تعقّلاتهم الصرفة ، فقد وقف بهم العقل دون أن يصلوا إلى معدن العظمة ، ولم يمكنهم خرق الحجب النورية ، ليصلوا إلى معدن العظمة ، وتصير أرواحهم معقلة بعزّ قدسه . الطبقة الثالثة : عامّة أهل الإيمان فهم يعجزون عن تلك المرتبة أي مرتبة التعقّلات الصرفة ، وصرف الأمر إلى واقعه كما كان للطبقة الثانية ، فضلا عن قصر نظرهم في الذات كما كان للطبقة الأولى . وكيف كان فغاية أمرهم تصوّرات وهميّة لا عقليّة ، فيمثل لهم المبدأ والمعاد بما يليق بنشأتهم ، وبما يأتيه ويصوّره شأنهم ، ولا يمكنهم الصعود إلى ما فوقه لقصور باعهم عن العلم ، وعقلهم عن الدرك الإجمالي الوهمي كما كان للطبقة الثانية ، ولكنهم لإيمانهم بالواقع ونفس الأمر ينزّهون مبدأ الكلّ تبارك وتعالى عن الأمور الخياليّة والجسمانيّة . وبعبارة أخرى : إنّ الوهم إنما كان فعله الدرك الإجمالي من دون تشكَّل المدرك بصورة ، والخيال والمتخيلة هو إدراك الأمر في اندارجه في لباس الصورة . فهذه الطائفة إنما هم يتوهّمون الحقّ على ما هو عليه في واقع الأمر دون أن