responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأنوار الساطعة في شرح زيارة الجامعة نویسنده : الشيخ جواد بن عباس الكربلائي    جلد : 1  صفحه : 182


احتجابه عنه تعالى ، فوقوع المعاصي ليست منه تعالى ، بل من العبد .
فعليه قد يقال : إنه كيف تقع المعاصي منهم في مملكته مع قدرته النافذة ومالكيّته لهم ، وأنه آخذ بناصيتهم ، فهلا يوجب ذلك منعهم عن المعاصي ؟ أليس أنه تعالى لو منعهم من المعاصي كان أحسن من إمهاله لهم في ذلك ، وإن كان يعفو عنهم بالآخرة ؟ أوليس ذلك منه موجبا لهتك حرمته تعالى ؟ قلت : لمّا علمت أنّ له تعالى أسماء الجمال والجلال ، فاعلم أنها تقتضي أن يكون لها مظاهر في الوجود فهو تعالى عفوّ غفور ، فيقتضي هذا وجود العاصي ليعفو عنه ويغفر له ، وليس هذا منافيا لمملكته ولتلك السلطنة الإلهية بل من موجبات ظهور جماله من عفوه ومغفرته . وإليه يشير صريحا ما ورد من أنه لو أنكم لا تذنبون لخلق خلقا يذنبون ، ليغفر لهم ويعفو عنهم ، أقول : أي ليظهر صفة العفو والمغفرة في هذا المظهر وهو العبد المذنب كما لا يخفى . فراجع الحديث في البحار . ولهذا الكلام زيادة بيان مذكور في محلَّه .
وهنا تقسيم آخر للعباد في عباداتهم لربّهم :
فاعلم أنّ مراتب الناس في عباداتهم بحسب خلوص النيّة وشئونها تابعة لدرجات معارفهم للحقّ كما علمت مراتبها سابقا ، فقدر مكاسبهم في الطاعة على قدر مراتبهم في المعرفة ، وهذا هو بذر العبودية لهم لربّهم ، فمعرفتهم لربّهم التي أوجبت طاعتهم لربّهم هو منشأ لعبوديّتهم لربّهم ، فعبوديتهم له تعالى نتيجة تلك المعرفة والطاعة المترتبة عليها . فلا محالة فهم في إدراك المبدإ والمعاد وما بينهما ، وإدراك ساير المعارف الإلهيّة على طبقات متفاوتة :
الطبقة الأولى : أصحاب المكاشفة وهم الذين يعرفون الحقّ بترك الالتفات إلى ذواتهم ، بل هم فانون عن أنفسهم ، قد قصر نظرهم في الذات المقدسة فلا التفات لهم إلى غيره ، فلا محالة يخرّون له سجّدا دائما ، فهم يشاهدون الذات المقدسة في آياته الآفاقيّة والأنفسية مع قطع النظر إلى غيره تعالى .

182

نام کتاب : الأنوار الساطعة في شرح زيارة الجامعة نویسنده : الشيخ جواد بن عباس الكربلائي    جلد : 1  صفحه : 182
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست