والسرّ فيه أنّ العلم بكيفيّة التوحيد على ما هو الحق تعالى عليه مختصّ با لله تعالى كما شهدت به آية شهد الله ، ولا يمكن الوصول إليه إلا من شاهد من عباده الكمّل ، وحصل له هذا المشهد الشريف ، والتجلَّي الذاتي المفني للأعيان بالأصالة ما قال الله تعالى : فلما تجلَّى ربُّه للجبل جعله دكَّا وخرّ موسى صعقا 7 : 143 [1] وقال السبزواري ( رضوان الله تعالى عليه ) في أوائل الشرح للجوشن وفي الحديث : التوحيد الحقّ هو الله والقائم به رسول الله والحافظ له نحن والتابع فيه شيعتنا . وكيف كان ، فمن كفر بوجدان الحقّ واغتر بالعلوم وإن كانت علوما إلهيّة ، ولا يتعرض لنفحات ألطاف الله في أيّام دهره ، ولا يترقّب لجذبات أعطافه التي توازي عمل الثقلين . فهذا لا خير فيه ، ولا هو من أهل الله ، ولا لله فيه حاجة ، بل هو في مسير باطنه متابع النفس ، وهو ممن لم يسلم وجهه لله وهو محسن ، فلا محالة فإن الله غني عن العالمين وعنه ، كلّ ذلك لعدم استكماله بعرفان أهل الشهود الَّذين يستكملونه منه تعالى . تنبيه وموعظة حسنة : يجب عليك أن تعلم يا حبيبي - إن كنت طالبا للسعادة الأبدية ، والوصول إلى معرفة التوحيد بحقه ، وكنت ممن أفاض عليك الحقّ أنوار رحمته - أنّ هذه المراتب الرفيعة والدرجات العظيمة لا تحصل بمجرد قراءة المتداول من الكتب ، من دون سلوك طريق الحق والانقطاع عن الخلق ، ورياضة النفس ومجاهدة القوى . فإنّ أكثر المباحث المثبتة في الدفاتر ، المكتوبة في الأوراق ، إنما الفائدة فيها مجرّد الانتباه لحصول الشوق إلى الوصول ، لا الاكتفاء بانتقاش النفوس بنقوش المعقول والمنقول ، فإنّ مجرّد ذلك لا يحصل به اطمينان القلب وسكون النفس ، وراحة البال