الحاصل للعارفين ، الذين ليسوا من أرباب الشهود الحالي ، مع بقائهم عينا وصفة ، فإنّ بين من يتصوّر المحبّة وبين من هي حاله فرقانا عظيما . كما قال الشاعر : < شعر > لا يعرف الحبّ إلا من يكابده ولا الصبابة إلا من يعانيها وقال الآخر : زليخا گفتن ويوسف شنيدن شنيدن كي بود مانند ديدن < / شعر > وهذا كما ترى من أغلب العلماء الظاهريين ، الذين ارتقوا إلى درجات العلوم الإلهية ، ووصلوا إلى كمالها المعنوي العلمي ، ولكنّهم لم يذوقوا من الحقائق شيئا ، لعدم وصولهم إلى مقام الشهود ودرجة حقّ اليقين ، لعدم سلوكهم الحالي المشار إليه سابقا ، فهم باقون في درجة العلم الذي هو الحجاب الأكبر ، وليس لهم درك تلك الحقائق ولا آثارها ، بل ربّما أنكروها من أهلها كما هو المتراءى منهم ، بل ربّما يرى من بعضهم ادّعاء الوصول والفناء مع أنّهم في غاية البعد والعناء قال الشاعر : < شعر > فهم في السرى لم يبرحوا من مكانهم فخاضوا بحار العشق دعوى فما ابتلَّوا < / شعر > ولذا ترى العرفاء الشامخين الواصلين لا يأنسون بهؤلاء المغترّين ، بل يكتمون حالاتهم وأسرارهم منهم ، كما ورد الأمر به في الشريعة المقدسة ، كما لا يخفى على أهله . على أنّ إعراب أحوال أهل الشهود [1] وشأنهم لهؤلاء الظاهريين الواصلين إلى العلم فقط ، غير الذّائقين لها ، ستر لتلك الحقائق ، والإظهار بها لهؤلاء غير الواجدين ، إخفاء لها . وإليه يشير ما في كلامهم : أنّ إظهار سرّ الرّبوبية كفر ، والكفر هنا بمعنى الإخفاء كما هو بحسب أصل اللغة .