responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأنوار الساطعة في شرح زيارة الجامعة نویسنده : الشيخ جواد بن عباس الكربلائي    جلد : 1  صفحه : 153


وتلوح منه لوائح مرة بعد أخرى ، فيشاهد أمورا غيبيّة في صور مثاليّة ، فإذا ذاق شيئا منها يرغب في العزلة والخلوة والذكر والمواظبة على الطهارة التامة والوضوء ، والعبادة والمراقبة والمحاسبة ، ويعرض عن المشاغل الحسّية ، ويفرغ القلب من محبّتها ، ويتوجه باطنه إلى الله الحقّ بالكليّة . فيظهر له الوجد والسكينة والشوق ، والمحبّة والهيمان والعشق ، فيمحو تارة بعد أخرى فيجعله فانيا نفسه ، فيشاهد المعاني القلبية ، والحقائق السّرية ، والأنوار الروحيّة فيحقّق في المشاهدة والمعانية والمكاشفة ، وتفيض عليه العلوم اللَّدنيّة والأسرار الإلهية ، وتظهر له أنوار حقيقية تارة وتختفي أخرى حتى يتمكَّن ويخلص من التلوين ، وتنزل عليه السكينة الروحية ، ويصير ورود هذه الأحوال له مقاما ، أي ملكة راسخة .
فيدخل في عوالم الجبروت ، ويشاهد العقول المجرّدة أي الأضواء القيّوميّة والأنوار القاهرة ، والمدبّرات الكلَّية للأمور الإلهيّة من الملائكة المقرّبين والمهيّمين في جمال الأزل ، الفانين في الحقّ الأول ويتحقق بأنوارهم ، فيظهر له أنوار سلطان الأحديّة ، وسواطع العظمة والكبرياء الإلهية فيجعله ( هباء منثورا ) وتندك عنده جبال إنّيّته فيخرّ له خرورا ويتلاشى ، وتزول زحمة وجوده من البين ، وتضمحلّ عينه في عين الوجود الإلهي ، وهو مقام الجمع والتوحيد وإليه يشير قوله عليه السّلام في الدعاء السيفي الصغير : " ربّ أدخلني في لجّة بحر أحديّتك وطمطام يمّ وحدانيّتك " وقوله عليه السّلام في الدعاء الشعباني : " الهي هب لي كمال الانقطاع إليك ، وأنر أبصار قلوبنا بضياء نظرها إليك ، حتى تخرق أبصار القلوب حجب النور ، فتصل إلى معدن العظمة ، وتصير أرواحنا معلَّقة بعزّ قدسك . إلهي اجعلني ممّن ناديته فأجابك ، ولاحظته فصعق لجلالك ، فناجيته سرّا وعمل لك جهرا " .
وفي هذا المقام يستهلك في نظره الاعتبار ، ويخترق بنوره الحجب والأستار ، فينادي الحقّ لمن الملك اليوم ؟ ويجيب بنفسه لنفسه ، لله الواحد القهّار ، وهذا نهاية سفر الأول من الأسفار التي للسالكين الكاملين ، وهذه النهاية موجبة للولادة

153

نام کتاب : الأنوار الساطعة في شرح زيارة الجامعة نویسنده : الشيخ جواد بن عباس الكربلائي    جلد : 1  صفحه : 153
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست