الأحاديث . والنفخ الملكي وما هو بواسطة الملائكة لا يوجب إلا خضوع الملائكة التي هي أنزل منه ، وتحت تسخيره في العالم الصغير ، ولا يستلزم مسجوديّة الملائكة كلَّهم أجمعين . بل النفخ الإلهي الحاصل بسببه الروح الإضافي ، أي المضاف إليه تعالى في قوله من روحي ، إنّما أوجب مسجوديّة الملائكة لآدم تعظيما له وتكريما لشأن روحه المنسوب إلى الحقّ . وبعبارة أخرى ، توضيحا للولادة المعنوية : إنّ الولادة المعنوية كالولادة الصورية أيضا تتوقّف على الأركان الأربعة ، يندرج فيها جميع الآداب الشرعية والعقليّة ، وهي الإيمان والتوبة والزهد والعبادة ، على ما لها من التفصيل المذكور في محلَّه من كتب الأخلاق والأحكام والسلوك وليس هنا موضع بيانه ، وقد تسمّى هذه الولادة بالفتح القلبي . وكيف كان فكيفيّة هذه الولادة للنفس الإنسانية من مبدئها إلى مقطعها ، أنها أول ما يولد المولود بالولادة الجسمانية لا يعرف إلا الأكل والشرب لا غير ، ثم يتدرّج ويظهر له باقي صفات النفس شيئا فشيئا من القوى الشهويّة والغضبيّة والحرص والحسد والبخل والسفاهة ، والمكر والحيلة والكبر والظلم وغير ذلك من الصفات ، التي هي نتائج الاحتجاب ، والبعد عن معدن الصفات الكمالية ، فهو حيوان منتصب القامة تصدر عنه الأفاعيل المختلفة . فهو منغمر في الحجب الظلمانيّة الساترة للحقّ ، أسير في أيدي الكثرة وأسرار الشهوات ، نائم عن عالم الوحدة في مرقد الجهالات ، ثمّ إذا أدركته لمعة من أنوار الرحمة ، وصادف من نبّهه من سنة الغفلة ونوم الجهالة ، ويذكر مبدأه الذي منه بدؤه ، ومعاده الذي إليه عوده . والمنبّه لهذه الأمور أولاهم الأنبياء عليهم السّلام ثمّ الأئمة والأولياء عليهم السّلام ثم العلماء با لله تعالى المشاهدون الواصلون إليه حقّا وراثة عنهم ، ثم الظاهريّون من العلماء بظواهرها ، وهم الذين أمرهم الأنبياء والأولياء الأئمة عليهم السّلام بهذا التنبيه . فهم نائبون عنهم عليهم السّلام في ذلك .