عالم الألوهية . وإلى هذا العالم يشير قوله تعالى : وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين 6 : 75 [1] ثم ماتت رغبته عن الكلّ ، وأشير إليه بقوله : . . لا أُحبّ الآفلين 6 : 76 [2] وحينئذ أفنى نفسه في ربّه ، ووجّه وجه ذاته لفاطر سماوات العقول ، وأرض النفوس ، حنيفا عن آثام الوجود والهوية ، مسلما حقيقيّا موحّدا له تعالى من غير اشتراك لغيره ، هذا كلَّه بالنسبة إلى رغبة السالك ، وتوجيه وجه ذاته إليه تعالى بإماتة الرغبات إلى أن يصل إلى مقام التوحيد . هذا ولكن لا يخفى أنّ هوى السالك وهويته ، التي ما زالت هي المعبود أصالة في كلّ عبادة ومحبة تكون لغير الله تعالى بلحاظ نفس الهوى والهوية ، مع قطع النظر عن إماتة الرغبات بالنحو المذكور كما دلّ عليه قوله تعالى : أرأيتَ من اتّخذ إلهه هواه 25 : 43 [3] وكيف كان فالفاني نفسه في ربّه والموجه وجه ذاته لفاطر السماوات والأرض يكون الحقّ تعالى هو الفاعل ، والغاية له في فعل وسعي وحركة . وانعزلت مبادئ حركاته وعن القوى المدركة كالسمع والبصر ، والمحركة كاليد والرجل سواء أكانت داعية أو فاعلة ، وصار الحقّ هو المؤثر في آثاره مطلقا . فله حينئذ أن يقول : إنّ صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله ربّ العالمين ، وله أن يقول كما قال صلَّى الله عليه وآله : " من رآني فقد رأى الحقّ " حيث صار الحقّ سمعه وبصره ويده ورجله ، كما في الحديث المحبة المشهورة ، لظهور الحقّ في مرآة قلبه ، وإليه الإشارة في قوله تعالى : ربّنا أتمم لنا نورنا 66 : 8 [4] وقوله تعالى : يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم 57 : 12 [5] وفي الأدعية النبوية : " اللَّهمّ أعطني نورا في قلبي ، ونورا في سمعي ،