عند الحاجة إلى الاستفتاء . وأما الحكماء فهم العالمون با لله الذين لا يعلمون أوامر الله ، فأمر الله بمخالطتهم . وأمّا الكبراء فهم العالمون بهما فأمر بمجالستهم ، لأن في مجالستهم خير الدنيا والآخرة . ثم قال : ولكلّ واحد من الثلاثة ثلاث علامات . فللعالم بأمر الله الذكر باللسان دون القلب ، والخوف من الخلق دون الرب ، والاستحياء من الناس في الظاهر ، ولا يستحي من الله في السرّ . والعالم با لله ذاكر خائف مستحي ، أما الذكر فذكر القلب لا اللسان ، والخوف الرجاء لا خوف المعصية ، والحياء حياء ما يخطر على القلب لإحياء الظاهر . وأما العالم با لله وأمره له ستة أشياء ، الثلاثة المذكورة للعالم با لله فقط مع ثلاثة أخرى : كونه جالسا على الحدّ المشترك بين عالم الغيب وعالم الشهادة ، وكونه معلما للمسلمين ، وكونه بحيث يحتاج الفريقان الأوّلان إليه وهو مستغن عنهما ، فمثل العالم با لله وبأمر الله كمثل الشمس لا تزيد ولا تنقص ، ومثل العالم با لله فقط كمثل القمر يكمل تارة وينقص أخرى ، ومثل العالم بأمر الله كمثل السراج يحرق نفسه ويضيء غيره ، انتهى كلامه . حاصل الكلام : ثم إنه ينبغي ذكر حاصل كلام بعض الأعاظم في الوصيّة إلى اغتنام هذه المطالب الإلهيّة التي تقدم ذكرها فنقول : إنّا قد أشرنا في هذه الفصول المتقدمة إلى كنوز الحقائق ورموز الدقائق ، فاعلم قدرها وتعمّق في غورها ، وصنها عن النفوس الشقيّة الجاهلة بحقائق الإيمان ، الكافرة بأنعم الله ، لأنهم أعداء الحكمة ورفضة العرفان ، وأحبّاء الهوى والشيطان . واعلم أنّ تصوير الحقائق في صورة الألفاظ ، وكسوة العبارات والاستعارات